هذا الممدوح من الصفوف هو الصف الذي يلي الإمام سواء جاء صاحبه متقدما أو متأخرا، وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا. وقال بعضهم: الصف الأول هو المتصل من طرف المسجد إلى طرفه لا يتخلله مقصورة ونحوها، فإن تخلل الذي يلي الإمام شيء فليس بأوّل، بل الأول ما لا يتخلله شيء وان تأخر. وقيل: الصف الأول عبارة عن مجيء الإنسان إلى المسجد أولا وإن صلى في صف متأخرِ.
[١/٢٢٨-أ] وقال الشيخ محيى الدين: هذان القولان / غلط صريح.
قلت: لفظ الأوّل من الأمور النسْبيّة، فيُطلقُ على كل صف في المَسْجد من عند الإمام إلى أن ينتهي إلى آخر الصُفوف، فآخر الصفوف هو نقيض كل صف قبله إلى الإمام، فيُطلقُ على كل واحد من الصفوف غير الصف الأخير أنه خير الصفوف، ولم يُطلق شرّ الصفوف إلا على آخر الصفوف ليس إلا فافهم. وإنما صار آخر صفوف الرجال شر الصفوف إما لبُعدهم من الإمام، أو لقربهم من النساء، وقد يكون شرا لمخالفتهم أمرَه فيها عليه السلام، وتحذيراً من فعل المنافقين بتأخرهم عنه وعن سماع ما يأتي به، ومعنى كونها شرا: أقلّها أجراً فهو بالنسبة إلى الأول مطلقا ناقصٌ.
قوله:" وخير صفوف النساء: آخرُها " هذا إذا صلّين مع الرجال، وأما إذا صلين جماعةً وحدهن فهن كالرجال خيرُ صفوفهن: أولها، وشرها: آخرها، وأما إذا صلين مع الرجال فخيرُ صفوفهن: آخرها لبُعْدهن من الرجال ورؤيتهم، وتعلّق القلب بهم عند رؤية حركاتهم، وسماع كلامهم ونحو ذلك، وشر صفوفهن: أولها لِعكسِ ذلك المعْنى. والحديث: أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو بكر في " مصنفه ".
٦٦٠- ص- نا يحيى بن معين: نا عبد الرزاق، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: