قلتُ: كأنه يُوهنُه بذلك. وقال البيهقي: لم يُخرجاه لما حكاه
الشافعي من الاختلاف في سنده، ولما في حديث علي بن شيباَن من أن
رجاله غير مشهورين. وقال الشافعي في موضع آخر: لو ثبت الحديثُ
لقلتُ به. وقال الحاكم: إنما لم يخرج الشيخان لوابصة في كتابيهما
لفساد الطريق إليه. وقال ابن المُنذر: بينه أحمدُ وإسحاق. وقال أبو عمر:
فيه اضطراب ولا يُثْبتُه جماعة. وقال: الإشبيلي: غيرُ أبي عُمر يَقولُ:
الحديث صحيحْ، لأن حُصَيناً ثقة، وهلالَاً مثله وزياداً كذلك، وقد
أسْندوه والاختلاف فيه لا يضره.
فإن قيل: أخرج ابن ماجه، عن عبد الله بن بدر، عن عبد الرحمن
ابن علي بن شيبان، عن أبيه قال: صلينا وراء النبي- عليه السلام-،
فلما قضى الصلاة رأى رجلاً فرداً يصلي خلف الصف، قال: فوقف علي
نبي الله حتى انصرف ثم قال له: " استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة لمن
صلى خلف الصف وحده " (١) . قلتُ: رواه ابن حبان في " صحيحه،
والبزار في " مُسْنده " وقال: وعبدُ الله بن بدر ليس بالمعروف، إنما حَدث
عنه ملازمُ بن عمرو، ومحمدُ بن جابر، فأما ملازم: فقد احتُمل حديثُه
وإن لم يُحتج به، وأما محمد بن جابر: فقد سكت الناسُ عن حديثه،
وعلي بن شيبان: لم يحدث عنه إلا ابنه، وابنه هذا صفته، وإنما ترتفع
جهالة المجهول إذا روى عنه ثقتان مشهوران، فأما إذا روى عنه من لا
يحتج بحديثه لم يكن ذلك الحديث حجةً، ولا ارتفعت جهالته. فإن
قلتَ: حديث آخر أخرجه البزار فيه مسنده عن النضر بن عبد الرحمن،
عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي- عليه السلام- نحو حديث ابن شيبان /. قلت: قال البزار: ولا نعلم رواه عن عكرمة إلا النضرُ وهو [١/٢٢٩ - ب] لين الحديث، وقد روى أحاديث لا يتابع عليها وهو عند بعض أهل العلم
ضعيف جداً فلا يحتج بحديثه. انتهى. وسئل أبو عبد الله عن حديث ابن
(١) ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة، باب: صلاة الرجل خلف الصف وحده (١٠٠٣) .