للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " قدم وفد الجن " الوفد: " القوم يجتمعون ويردُون البلاد،

وواحدهم وافد، كركب وراكب، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة

أو استرفاد وانتجاع، وغير ذلك، تقول: وفد يفد فهو وافد، وأوفدته

فوفد وأوفد على الشيء فهو مُوفد إذا أشرف " (١) . والجن خلاف

الإنس، والواحد جني، سميت بذلك لأنها تبقى ولا ترى، " وأصله من

جنّ إذا ستر، ومنه سمي الجن لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار، ومنه

الجنين لاستتاره في بطن أمه، والجنة من الاجتنان وهو الستر، لتكاثف

أشجارها وتظليله بالتفاف أغصانها " (٢) .

والجن ولد إبليس، والكافر منهم شيطان، ولهم ثواب وعقاب،

واختلف في دخولهم الجنة. وعن ابن عباس: " إنهم ولد الجن بني

الجان، وليسوا بشياطين، فمنهم كافر ومنهم مؤمن، ويعيشون ويموتون،

والشياطين لا يموتون إلا عند موت إبليس. وكانت هذه القضية في مكة،

لما روي عن قتادة، عن النبي- عليه السلام- أنه قال: " إني أمرت أن

أقرأ على الجن، فأيكم يتبعني؟ فاتبعه عبد الله بن مسعود، فدخل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

شعب الحجون، وخط على ابن مسعود خطا وقال: إياك أن تخرج من

هذا الخط، فإنك إن خرجت منه لم تلقني إلى يوم القيامة، وتوجه إليهم

يقرئهم القرآن، ويدعوهم إلى الصبح " الحديث (٣) ، وكانوا من جن

نصيبين: وقال ابن عباس: من أهل نينوي. وقال مجاهد: من أهل

حران. وقال عكرمة: من حرين الموصل ابني عثر. وقال زر بن حبيش:

كانوا تسعة. وقال ابن عباس: سبعة. وقال مجاهد: ثلاثة من أهل

نجران، وأربعة من نصيبين، وهم شاحر، وناحر، ودسّ، ومسّ،

والأزد، والابنان، والأحقم.


(١) انظر: النهاية (٥/٢٠٩) . (٢) انظر: النهاية (١/٣٠٧) .
(٣) أخرجه من هذه الطريق المرسلة ابن جرير في تفسيره (٢٦/٣١) ، ولأصل
الحديث طرق صحيحة متصلة، وقد جمعها الحافظ ابن كثير عند تفسير الآية
التاسعة والعشرين وما بعدها من سورة الأحقاف، فانظرها هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>