للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وفيه شيئان، أحدهما: قوله: " أربعين خريف"، الثاني: أن مَتْنه عكس متن " الصحيحين "، فالمسئول في لفظ " الصحيحين " هو أبو الجهيم، وهو الراوي عن النبي- عليه السلام-، وعند البزار: المسئول: زيد بن خالد. ونسب ابن القطان، وابن عبد البر الوهم فيه إلى ابن عيينة، وقال ابن القطان في كتابه بعد أن ذكره من جهة البزار: وقد خطأ الناسُ ابن عُيينة في ذلك لمخالفته رواية مالك، وليس خطؤه بمتعين، لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بُسر بن سعيد إلى زيد بن خالد، وزيد ابن خالد بعثه إلى أبي جُهيم بعد أن أخبره بما عنده ليَستثبته فيما عنده، [١/٢٣٤-ب] فأخبر كل واحد منهما بمحفوظه، وشك أحدهما وجزم الأخر بأربعين / خريفاً، واجتمع ذلك كله عند أبي النضر وحدث به. وقال ابن عبد البر في " التمهيد ": روى ابن عُيينة هذا الحديث مقلوبا، فجعل في موضع زيد بن خالد أبا جهيم، وفي موضع أبي جهيم زيد بن خالد، والقول عندنا قول مالك ومن تابعه، وقد تابعه الثوري وغيرُه. وروى ابن حبان في " صحيحه " من حديث أبي هريرة مرفوعا: " لو يعلمُ أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه معترضا في الصلاة كان لأنْ يُقيم مائة عام خير له من الخطوة التي خطى " (١) .

وقال الطحاوي: وهذا عندنا متأخر عن حديث أبي جهيم. وروى الطبراني في " الأوسط " عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: " إن الذي يمر بين يدي المصلي عمدا يتمنى يوم القيامة أنه شجرة يابسة ".

وفي " المصنف " عن عبد الحميد عامل عمر بن عبد العزيز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو يعلم ا"ر بين يدي المُصلي ما عليه لأحب أن ينكسر فخذه ولا يمر بين يديه ". وقال عمر: لكان يقوم حولا خير له من مروره. وقال كعب الأحبار: لكان أن يخسف به خير له من أن يمر بين يديْه.

* * *


(١) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.

<<  <  ج: ص:  >  >>