قوله:" يبتدرونها " من الابتدار وهو الاستباق، ومعناه: يستبقونها أيهم يرفعها ويكتبها في ديوانه، أو يرفع إلى الله سبحانه وتعالى، ووجه تخصيص العدد في الملائكة بالمقدار المذكور مفوض إلى علم الله تعالى وعلم رسوله وقد وقع في خاطري هاهنا من الأنوار الإلهية في تعيين العدد " اثني عشر " أن كلمات " الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه " ست كلمات فبعث الله لكل كلمة منها ملكين تعظيما لشأنها وتكثيرا لثواب قائلها وإنما لم نعتبر كلمتي " الله أكبر " لأن هذا المعني الذي في زاده الرجل من عنده وهو لم يزد إلا هذه الكلمات الست، وكان يمكن أن يقال: إن حروف هذه الكلمات جميعها بإسقاط المكرر منها اثني عشر حرفا إذا جعلنا " كبيرا " بالباء الموحدة، فأنزل الله لكل حرف من حروفها ملكها ولكن الرواية بالثناء المثلثة.
والحديث: أخرجه مسلم، والنسائي، وقد مر أن مثل هذا كان في أول الأمر. ويستفاد من هذا الحديث فوائد، الأولى: أن الرجل إذا قال هذا في صلاته عند الشروع لا باس عليه
والثانية: أن الحسنات تضاعف بأمثالها.
الثالثة: أن هذا يدل على كثرة الملائكة، وأنه لا يجوز أن يكون هؤلاء الملائكة من الكرام الكاتبين، لأنه ورد أن مع كل مؤمن ملكان، وقيل: ستون وقيل مائة وستون ويحتمل أن يكون من غيرهم
الرابعة: أن الملائكة يرون كما يرى يرى بنو آدم، لأنه - عليه السلام - قال:" لقد رأيت "، ولكنه مخصوصة بالنبي - عليه السلام - حيث رآهم رسول الله ولم يرهم غيره كما في قضية بدر.
[١/ ٢٥٥ - أ] / الخامسة: فيه دليل أن الكلام في الصلاة حرام، حيث سأل رسول الله - عليه السلام - عن هذا المتكلم بعد انصرافه من الصلاة، ولم يسأل وهو في الصلاة.