للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو بالفتح قال: وقاله الشيباني بالكسر، قال: وهذا خلاف ما عرفه أهل النقل، قال: ولا نعلم من قاله غيره، وضعف الطبري ومَن بعده الكسْر، قالوا: ومعناه على ضَعْفه الاجتهاد، أي: لا ينفع ذا الاجتهاد منك اجتهاده، إنما ينفعه ويُنْجيه رحمتك. وقيل: المراد ذا الجد والسَعْي التام في الحرص على الدنيا، وقيل معناه: الإسراع في الهرب. أي: لا ينفع ذا الإسراع في الهرب منك هَرَبه، فإنه في قبضتك وسلطانك".

فإن قلت: بأن لي إعراب هذا الكلام، قلت: "ذا الجدد" منصوب على أنه مفعول " لا ينفع" وكلمة "مِن" في " منك" للبدل، والمعنى لا ينفع ذا الحظ حَظُه من الدنيا بدلك، أي: بدل طاعتك، أو بدل حظك، أو بدل حَظهُ منك، كما في قوله تعالى: (لَن تُغْني عَنْهُمْ أمْوَالُهُمْ فَلاَ أوْلاَدهم من اللهِ شَيْئا، (١) أي: بدل طاعة الله، أو بدل رحمة الله، وكما في قوله تعالى: "أرَضيتُم بالحَيَاة الدُّنْيَا من الآخِرَة" (٢) وقوله: (لَجَعَلنَا منكُم ملائكَة فِي اَلأرْضِ يَخْلفُونَ" (٣) أي: بدَلكم، لأن الملائكة لا تكون من الإَنس، وقال أبو حيران: إثبات البداية لـ "من " فيه خلاف وأصحابنا ينكرونه، وغيرهم قد أثبته، وزعم أنها تأتي لمعنى البدل، واستدل بالآيات التي تلونا، وبقول الشاعر:

(أ) خذوا المخاض من الفصيل غلبة ... وظلما وتكتب للأمير إفيلا

أي: بدل الفصيل، ويجوز أن تكون "من " في الحديث بمعني "عِنْد"، والمعنى لا ينفع ذا الغنى عندك غناه.

قلت: يجوز أن تكون "من" على حالها للابتداء، ويكون المعنى لا ينفع ذا الغنى من ابتداء نعمتك، أو من ابتداء عذابك غناه، ويقال: ضمَّن "ينفع " معنى " يمنع "، ومتى علقت " مِن " بالجد انعكست المعنى، وأما ارتفاع " الجد" فعلى أنه فاعل قوله: "لا ينفع".


(١) سورة آل عمران: (١) .
(٢) سورة التوبة (٣٨)
(٣) سورة الزخرف: (٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>