للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من البقر. وإن كان المفسرُ صفة نابت عن موصوفها يعتبر في الغالب حاله

لا حالها، فيقال: ثلاثة ربْعات، بالتاء إذا أريد به رجال، وثلاث

ربْعات، إذا أريد به النساء، قال تعالى: (من جاء بالحسنة فلهُ عشْرُ

أمْثالها) (١) ، إذ تقديره: عشر حسنات أمثالها. وجاء. عن بعض

العرب: ثلاثُ دواب، وإن كانت الدابة صفة نابت عن موصوفها اعتبارا

للفظ الدابة، وإن موصوفها مذكر. و " الفطرة " السُنة كما قلنا،

وتأويله: إن هذه الخصال من سنن الأنبياء، الذين أُمرْنا أن نقتدي بهم

لقوله تعالى: (فبهُداهُمُ اقْتدهْ) (٢) ، وأول من أُمر بها إبراهيم- عليه

السلام-، وذلك قوله تعالى: (وإذا ابْتلى إبْراهيم ربهُ بكلمات) (٣) ،

قال ابن عباس- رضي الله عنه-: أمره بعشر خصال، ثم عدّهن،

فلما فعلهن قال: (إني جاعلُك للنّاس إماماً) ليُقْتدى بك، وقد أخذت

هذه الأمة بمتابعته خصوصاً بقوله تعالى: (ثُم أوْحيْنا إليْك أن اتبعْ ملة

إبْراهيم) (٤) ، ويقال: إنها كانت عليه فرضاً، وهي لنا سُنة، وقوله:

" من الفطرة " إشارة إلى عدم الانحصار في العشر، لأن " من " للتبعيض

والسُّنّة كثيرة، ومن جملتها هذه العشر.

قوله: " قص الشارب " أي: أحدها: قص الشارب، فيكون ارتفاعه

على أنه خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يُقرأ بالجر على أن يكون بدلاً من

" الفطرة "، وكذا الكلام في المعطوفات عليه. والقص من قصصت

الشعر قطعته، ومنه: طير مقصوص الجناح، " (٥) ويستحب أن يبدأ

بالجانب الأيمن، وهو مخير بين القص بنفسه، وبين أن يولي ذلك غيره،

لحصول المقصود، بخلاف الإبط والعانة، وأما حدُ ما يقصه فالخيار أن

يقص حتى تبدو أطرافُ الشفة، ولا يحفه من أصله، وأما روايات:


(١) سورة الأنعام: (١٦٠) . (٢) سورة الأنعام: (٩٠) .
(٣) سورة البقرة: (١٢٤) . (٤) سورة النحل: (١٢٣) .
(٥) انظر: شرح صحيح مسلم (٣/١٤٩- ١٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>