للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش- أنس بن عياض بن ضمرة الليثي المدني، ويحيي بن سعيد القطان، وعبيد الله بن عمر العمري، وسعيد المقبري.

قوله: " ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن " تنافي فرضية قراءة فاتحة الكتاب، إذ لو كانت فرضا لأمره النبي- عليه السلام- بذلك، بل هو صريح في الدلالة على أن الفرض مطلق القراءة كما هو مذهب أبي حنيفة - رضى الله عنه-، وقال الخطابي (١) : " قوله: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن " ظاهره الإطلاق والتخيير، والمراد منه فاتحة الكتاب لمن أحسنها لا يجزئه غيرها، بدليل قوله: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " وهذا فيه الإطلاق كقوله تعالى: "فَمَن تَمَتعَ بِالعُمْرَةِ إِلى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ من الهَدْي " (٢) ثم كان أقل ما يُجزئ من الهدي معينا معدومَ المقدار، ببيَان السنة وهو الشاة".

قلت: يريد الخطابي أن يتخذ لمذهبه دليلا على حسب اختياره بكلام ينقض ادخره أوله، حيث اعترف أولا أن ظاهر هذا الكلام الإطلاق والتخيير، وحكم المطلق أن يجزئ على إطلاقه، وكيف يكون المراد منه فاتحة الكتاب وليس فيه الإجمال، وقوله: " وهذا في الإطلاق كقوله تعالى" إلى آخره فاسد، لأن الهدي اسم " يُهدَى إلى الحرم، وهو يتناول الإبل والبقر والغنم، وأقل ما يجزئ شاة، فيكون مرادا بالسُّنَة بخلاف قوله: "ما تيسر معك من القرآن"، فإنه ليس كذلك، فإنه يتناول كل ما يطلق عليه اسم القرائن، فيتناول الفاتحة وغيرها، ثم تخصيصه بالفاتحة من غير مخصص ترجيح بلا مرجح وهو باطل، ولا يجور أن يكون قوله: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتابة مخصصها لأنه ينافي معنى التيسير، فينقلب إلى تعسير، وهذا باطل، ولأن هذا المقام مقام التعليم، ولو كانت الفاتحة فرضا، أو مرادة هاهنا، لعلمه النبي- عليه السلام- فافهم.


(١) معالم السنن (١/ ١٨٢) . (٢) سورة البقرة: (١٩٦) .
٤. شرح سنن أبي داود ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>