للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "أقرب ما يكون" مبتدأ حذف خبره لسد الحال وهو قوله:

"وهو ساجد" مسده، فهو مثل قولهم: أخطب ما يكون الأمير قائما،

إلا أن الحال ثمة مفرد، وهنا جملة مقرونة بالواو، وعلم من ذلك خطأ

من زعم أن الواو في قوله: " وهو ساجد" زائدة، لأنه خبر قوله:

"أقرب " وتحقيق الكلام هاهنا أن " ما" في " ما يكون" مصدرية،

والفعل الذي بعدها بمعنى المصدر، وهو بمعنى الجمع هنا، لأن أفعل

التفضيل يجب أن يكون بعض ما أضيف هو إليه فتقديره أقرب أكوان العبد

من ربه حاصل إذا كان وهو ساجد، ثم حذف الخبر- أعني: " حاصل"

- لأن حذف متعلقات الظروف شائع كثير، ثم حذف الظرف- أعني:

"إذا كان " لدلالة الحال عليه، لأن الحال يدل على الوقت والزمان،

فالحال يدل على الظرف، والظرف على الخبر، فالحال على الخبر، لأن

الدال على الدال على الشيء دال على ذلك الشيء.

/ فإن قيل: ما معنى كون العبد أقرب إلى الله حالة السجود من بين [٢/١٦- أ] سائر أحواله؟ قلت: لأنه حالة تدل على غاية تذلل، واعتراف بعبودية

نفسه وربوبية ربه، فكانت مظنة الإجابة، فلذلك أمر- عليه السلام-

بإكثار الدعاء في السجود بقوله: " فأكثروا الدعاء" أي: في حالة السجود، واستدل بعض العلماء بهذا الحديث أن السجود أفضل من القيام، ومذهب أبي حنيفة أن طول القيام أفضل من كثرة الركوع والسجود، قال الشافعي لقوله- عليه السلام-: " أفضل الصلاة طول

القنوت " رواه مسلم (١) ، ومعناه القيام، وقال الشيخ محيي الدين (٢) : (وفي


= الليل، وكتقربه من عباده المتقربين إليه ذراعا بشبر، وباعا بذراع. . .،
{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} اعتقاد أهل السنة والجماعة، وانظر الرسالة الدموية لشيخ الإسلام ابن تنمية، ومجموع الفتاوى (٥/ ١٢٤: ١٣٤)
و (٢٢٦/٥: ٢٤٤) و (٥/٦: ٣٢) .
(١) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: أفضل الصلاة طول القنوت (٧٥٦/ ١٦٤) من حديث جابر بن عبد الله.
(٢) انظر: شرح صحيح مسلم (٣٦/٦- ٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>