للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الركوع والسجود من باب الخضوع، وأمارات التذلل من العباد لجلال

وجه الله الكريم، فنهى أن يقرأ الكتاب الكريم الذي عظم شأنه، وارتفع

محله عند هيئة موضوعة للخضوع والتذلل، ليتبين لأولي العلم معنى

الكتاب العزيز، وينكشف لذوي البصائر حقيقة القرآن الكريم. [٢/١٦- ب] فإن قيل/ لم تأخر هذا النهي إلى آخر الرسالة؟ قلت: ليكون مورده على تمام النعمة بمواقع النجوم [واستيفاء أنصبة القرب] (١) باطلاعه على

مطالع الوحي ومقاطعه. فإن قيل: إذا قرأ المصلي القرآن في ركوعه أو

سجوده هل تبطل صلاته أم لا؟ قلت: لا تبطل عند أبي حنيفة مطلقَا،

سواء قرأ عامدَا أو ناسيَا، ولكن في الناسي يجب سجدتا السهو.

وقال الشيخ محيي الدين (٢) : "فلو قرأ في الركوع أو السجود غير

الفاتحة كره ولم تبطل صلاته، وإن قرأ الفاتحة ففيه وجهان لأصحابنا،

أصحهما أنه كغير الفاتحة فيكره ولا تبطل صلاته، والثاني: يحرم وتبطل

صلاته، هذا إذا كان عمدَا، فإن قرأ سهوَا لم يكره، وسواء قرأ عمدا أو

سهوَا يسجد للسهو عند الشافعي.

وقال الخطابي (٣) : " قوله نهيت عن القراءة راكعَا أو ساجدَا " يَشدّ

قول إسحاق ومذهبه في إيجاب الذكر في الركوع والسجود، وذلك أنه

إنما أخلى موضعهما من القراءة ليكون محلا للذكر والدعاء ".

قلت: لا نسلم أن إخلاءهما من القراءة ليكون محلا للذكر والدعاء،

بل لحكمة ذكرناها الآن، ولو قال يشد قول إسحاق الأمر بتعظيم الرب

في الركوع والاجتهاد في الدعاء في السجود، كان له وجه، فافهم.

قوله: "فأما الركوع فعظموا الرب فيه". أي: سبحوه ونزهوه ومجدوه،

فاستحب أصحابنا وغيرهم من العلماء أن يقول في ركوعه: سبحان ربي


(١) غير واضح في الأصل، وأثبته من "العلم الهيب في شرح الكلم الطيب " للمصنف (ص/ ٢٨٥) ، فالنص فيه بلفظه.
(٢) شرح صحيح مسلم (٦/ ١٩٧) . (٣) معالم السنن (١/١٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>