للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يحتاج فيه إلى استعمال اليدين، والقليل ما لا يحتاج فيه إلى ذلك،

حتى قالوا: إذا زَرّر قميصه في الصلاة فسدت صلاته، وإذا حل إزراره لا

تفسد، وقال بعضهم: كلُّ عمل لو نظر إليه الناظرُ من بعيد لا يَشك أنه

في غير الصلاة فهو كثير، وكل عمل لو نظر إليه الناظرُ بما يَشتبه عليه أنه

في الصلاة فهو قليل، وهذا أصح، وعلى هذا الأصل يخرجُ ما إذا قاتل

في صلاته في غير حالة الخوف أنه تفسدُ صلاته؛ لأنه عمل كثير ليس من

أعمال الصلاة، وكذا إذا أخذ قوساً ورمى فسدت صلاته، وكذا لو دَهَن

أو سرح رأسه، أو حملت امرأة صبيها فأرضعته لوجود العمل الكثير على العبارتين، فأما حملُ الصبي بدون الإرضاع فلا يُوجب الفساد؛ لما روي

أن النبي- عليه السلام- كان يُصلي في بيْته وقد حمل أمامة بنت

أبي العاص على عاتقه، فكان إذا سجد وضعها، وإذا قام رفعها، ثم

هذا الصنيع لم يكره منه- عليه السلام- لأنه كان محتاجا إلى ذلك لعدم

من يحفظها، أو لبيانه الشرع بالفعل، وهذا غيرُ موجب فسادَ الصلاةِ،

ومثل هذا- أيضا- في رماننا لا يكره لواحد منا لوً فعل ذلك عند

الحاجة، أما بدون الحاجة فمكروه. انتهى.

وذكر أشهب عن مالك أن ذلك كان من رسول الله- عليه السلام- في

صلاة النافلة، وأن مثل هذا الفعل غير جائز في الفريضة. قال أبو عُمر:

حَسْبك بتفسير مالك، ومن الدليل على صحة ما قاله في ذلك أني لا أعلم

خلافا أن مثل هذا العمل في الصلاة مكروه.

وقال الشيخ محيي الدين (١) : هذا التأويل فاسد؛ لأن قوله: "يؤم

الناسَ" صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة.

قلت: هو ما رواه سفيان بن عيينة يُسنِدهُ إلى أبي قلادة الأنصاري قال:

رأيت النبي- عليه السلام- يؤم الناسَ/ وأمامة بنت أبي العاص وهي [٢/٢٨ - أ]


(١) المصدر السابق.
١٠- شرح سنن أبي داوود ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>