للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عفان- رضي الله عنه- ومَشوا إلى أبي العاص فقالوا له: فارِقْ صاحبتك ونحنُ نُزوجك بأي امرأة من قريش شئتَ. قال: لا والله، إذا لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأةً من قريش، َ وكان رسول الله يثني عليه في صهْره، وكان رسول الله لا يُحِل بمكة ولا يحرّم مغلوباً على أمره، وكان الإسلام قد فرق بين زينب وبين أبي العاص، فكان لا يقدرُ على أن يُفرق بينهما.

وقال ابن كثير: إنما حرم الله المسلمات على المشركين عام الحديبية سنة ست من الهجرة. انتهى. وكان أبو العاص في غزِوة بدر مع المشركين ووقع في الأسرى. قال ابن هشام: وكان الذي أسره خراش بن الصمة أحد بني حَرَام.

وقال ابن إسحاق، عن عائشة- رضي الله عنها-: لما بعث أهل مكة

في فداء أسْراهم بعثت زيْنب بنت رسول الله في فداء أبي العاص بمالٍ، وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، قالت: فلما رآها رسول الله رق لها رقةً شديدةً وقال: " إن رأيتم أن تُطلقوا لها أسيرَها، وترقوا عليها الذي لها فافعلوا، قالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه، ووفوا عليها الذي لها. قال ابن إسحاق: وقد كان رسول الله قد أخذ عليه أن يخلي سبيل زينب- يعني: أن تهاجر إلى المدينة- فوفى أبو العاص بذلك. وقال ابن إسحاق: ولما رجع أبو العاص إلى مكة أمَرها باللحوق إلى أبيها فخرجت ولحقت بأبيها - عليه السلام-، وأقام أبو العاص بمكة على كفره، واستمرت زينب عند أبيها بالمدينة، حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص في تجارة لقريش، فلما قفل من الشام لقيته سرية فأخذوا ما معه وأعجزهم هربا، وجاء تحت الليل إلى زوجته زينب، فاستجار بها فأجارته فلما خرج رسول الله لصلاة الصبح وكبر وكبّر الناسُ خرجت من صُفة النساء: أيها الناسُ، إني قد أجرتُ أبا العاص بن الربيع، فلما سلم رسول الله أقبل على الناس فقال: " أيها الناسُ، هل سمعتم الذي سمعتُ؟ " قالوا: نعم، قال: "أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء حتى سمعتُ ما سمعتم، وإنه يجيرُ على المسلمين أدناهم "، ثم انصرف رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>