للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "واثكل أمياه " الثكْلُ- بضم الثاء المثلثة، وإسكان الكاف وبفتحهما- جميعاً- لغتان كالبُخل والبَخَل حكاهما الجوهري وغيره، وهو فقدان المرأة ولدها، وامرأة ثكلى وثاكل، وثكلته أمّه. بكسر الكاف، وأثكله اللهُ أمه، وثكلت المرأة وأثكلت فقدَتْ ولدهَا؛ والواو في قوله: "واثكل " يُسمَّى واوَ النُدبة نحو: وازيداه، والندبة، والندب مأخوذ (١) من ندبت الميت إذا بكيت عليه وعددت محاسنه؛ وأصله من ندبَه إذا حثه؛ كأن الحزنُ يَحث النادبَ على مَد الصَوْت باسم الميت، ودعاء الناس إلى التضجر معه؛ والأولى بالندبة: النساء؛ لضعفهن عن تحمل المصيبة، فيبنَى المفرد على ما يرفع، نحو: وازيد، وازيدان، ويُنصب المضاف وشبهه نحو: واعبدَ الله، ثم يلحقونه حرف مَدّ ليطول الصوت به فيكون أظهر للغرض وهو التفجع، وإظهار اسم المندوب، فيقال: وازيداه، واختير الألف؛ لأنه أقعد في المد من أختيْها، أو لأنها أخف، وزيادتها أكثر، ولا تلحق الألف المضاف عند الإضافة، لئلا يلزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه، بل يلحق المضاف إليه نحو: واعَبْد الملكاه، وإن كان المضاف إليه منونا فسيبويه يحذف تَنْوينه نحو: وَاغُلام زيداه، ثم هاهنا قوله: لا والكل المياه " مضاف ومضاف إليه، فدخل الألف في المضاف إليه وهو " أمياه "، و "أمياه " بكسر الميم، وأصله: ثكلت أمي، فزيدت في أوله واو الندبة، وفي آخره الألف- لما ذكرناه- وأما الهاء: فهي هاء السكْت، دخلت ليتبين بها الألف؛ لأنها حرف خفي، فالوقف [٢/٣٥ - أ] / عليه يَزيدها خفاء.

قوله: " فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم " يعني: فعلوا هذا ليُسكتوه؛ وهذا محمول على أنه كان قبل أن يشرع التسبيح لمن نابه شيء في صلاته، وفيه دليل على جواز الفعل القليل في الصلاة، وابنه لا تبطل به الصلاة، وأنه لا كراهة فيه إذا كان لحاجة.


(١) غير واضحة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>