للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك: شق رسول الله الصفوف حتى خَلُص إليه، فلولا أنه أراد الإمامة لصلى حيث انتهى.

وقال الشيخ محيي الدين (١) في تقدمه- عليه السلام-: يَسْتدلُّ به أصحابنا على جواز اقتداء المصلي بمن يُحرمُ بالصلاة بعد الإمام الأول؛ فإن الصديق- رضي الله عنه- أحرم بالصلاة أولا، ثم اقتدى بالنبي - عليه السلام- حين أحرم بعده. قال: وهو الصحيح من مذهبنا.

وقال ابن الجوزي. ودل هذا الحديث على جواز الصلاة بإمامَيْن؛ وذلك أن النبي- عليه السلام- لما وقف عن يَسار أبي بكر علم أبو بكر أنه نوى/ الإمامة، فعندها نوى أبو بكر الائتمام.

قال السفاقسي: وفيه دليل على جواز استخلاف الإمام إذا أصابه ما يوجبُ ذلك، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، وبه قال عمر، وعلي، والحسن، وعلقمة، وعطاء، والنخعي، والثوري. وعن الشافعي وأهل الظاهر: لا يستخلف الإمام. وقال بعض المالكية: تأخرُ أبي بكر وتقدّمه- عليه السلام- من خواص النبي- عليه السلام-؛ لأنهم كانوا تقدموا النبي- عليه السلام- بالإحرام، ولا يفعل ذلك بعد النبي- عليه السلام-.

قلت: هذا الحديث حُجَّة على الشافعي في منعه صحة الاستخلاف، وأصحابنا جوزوا الاستخلاف بهذا الحديث وبحديث عائشة: لما مرض النبي- عليه السلام- مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن فقال: " مروا أبا بكر فليصل بالناس" الحديث.

فإن قيل: أنتم ما يجوزون الاستخلاف إلا فيمن سبقه الحدثُ، حتى لو تعقد ذلك أو قهقه أو تكلم لا يجوز الاستخلاف، فكيف تستدلون بالحديث؟ قلت: لأن الذي سبقه الحدث عاجز عن المضيف في الصلاة، فيجوز له الاستخلاف، كما أن أبا بكر عجز عن المضي فيها لكون المضي


(١) شرح صحيح مسلم (١٤٦/٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>