للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو بعمومه يتناول التراب والماء، وأجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير

طهارة من ماء أو تراب، أي صلاة كانت، حتى سجدة التلاوة، وسجدة

الشكر، وصلاة الجنازة، وحكى أبن جرير عن الشعبي أن صلاة الجنازة

بغير طهارة جائزة، وهذا مذهب باطل، فلو صلى محدثاً متعمداً بلا عذر

أثم ولا يكفر.

قوله: " تحريمها التكبير " أي: تحريم الصلاة الإتيان بالتكبير، كأن

المصلي بالتكبير والدخول فيها، صار ممنوعاً من الكلام والأفعال الخارجة

عن كلام الصلاة وأفعالها، فقيل للتكبير تحريم لمنعه المصلي من ذلك،

/ولهذا سميت تكبيرة الإحرام، أي الإحرام بالصلاة، وبهذا استدل

علماؤنا على فرضية تكبيرة الإحرام، واستدل به أبو يوسف على أن

الشروع في الصلاة لا يصح إلا بألفاظ مشتقة من التكبير، وهي ثلاثة:

الله أكبر، الله الأكبر، الله الكبير. واستدل [به] الشافعي ومالك [على]

أنه لا يصير شارعاً إلا بلفظ واحد، وهو: الله أكبر. وقال أبو حنيفة

ومحمد: يصح شروعه في الصلاة بكل ذكر هو ثناء خالص لله تعالى،

يراد به تعظيمه لا غير، مثل أن يقول: الله أكبر، أو: الله الأكبر، الله

الكبير، الله أجل، الله أعظم، أو يقول: الحمد لله، أو: سبحان

الله، أو: لا إله إلا الله، وكذلك كل اسم ذكر مع الصفة نحو أن يقول:

الرحمن أعظم، الرحيم أجل، لقوله تعالى: (وذكر اسْم ربّه

فصلّى) (١) ، والمرادُ ذكرُ اسم الربّ لافتتاح الصلاة؛ لأنه عقبت الصلاة

الذكر بحرف يوجب التعقيب بلا فصل، والذكر الذي تعقبه الصلاة بلا

فصل هو تكبيرة الافتتاح، فقد شُرع الدخولُ في الصلاة بمطلق الذكر،

فلا يجوز تقييده باللفظ المشتق من الكبرياء بأخبار الآحاد (٢) ، وبه تبين أن

الحكم يتعلق بتلك الألفاظ من حيث هي مطلق الذكر، لا من حيث هي

ذكر، بل بلفظ خاص، وأن الحديث معلول به، ولو لم يُعلّل احتجنا


(١) سورة الأعلى: (١٥) .
(٢) انظر لحجية خبر الآحاد: الرسالة للشافعي (٢٥/١٧٥) ، والكفاية للخطيب
(ص/٦٦) ، والموافقات للشاطبي (١/٣٦) ، والاعتصام له (١/١٠٩) ،
و (٢/٢٥٢) ، والإحكام لابن حزم (ص ١١٣) ، والفصل له (٢/١٨٢)
وشرح الطحاوي (ص/٣٠٧- ٣٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>