قوله:" وبارك على محمد " معنى البركة: الزيادة من الخير والكرامة، وقيل: هي بمعنى التطهير والتزكية، وقيل: الثبات على الخير والكرامة؛ من قولهم: بركت الإبل أي: ثبتت على الأرض، ومنه: بركة الماء؛ لثبات الماء فيها.
قوله:" إنك حميد مجيد " كلاهما صيغة المبالغة، فحمد بمعنى محمود أي: مستحق لأنواع المحامد، ومجيد بمعنى ماجد من المجْد وهو الشرف، وهذا كالتعليل للصلاة المطلوبة؛ فإن الحمد والشكر متقاربان من معنى شكور، وذلك مناسب لزيادة الأفضال والأعطاء لما يراد من الأمور العظام، وكذلك للمجد والشرف مناسبة لهذا المعنى ظاهرة. وقال القاضي عياض: ولم يجئ في هذه الأحاديث ذكر الرحمة على النبي- عليه السلام-، وقد وقع في بعض الأحاديث الغريبة، قال: واختلف بعض شيوخنا في جواز الدعاء للنبي- عليه السلام- بالرحمة، فذهب بعضهم - وهو اختيار ابن عبد البر- إلى أنه لا يقال، وأجازه غيره وهو مذهب محمد بن أبي زيد. وقال الشيخ محيي الدين: والمختار: أنه لا يذكر الرحمة.
قلت: وكذلك اختلف أصحابنا؛ والأصح مثل ما قال ابن عبد البر، ويقال: الأصح: أن يذكر الرحمة؛ لأن كل أحد لا يستغني عن رحمة الله تعالى.
ثم اختلف العلماء في جواز الصلاة على غير الأنبياء؛ فقال أصحابنا
- وهو قول مالك والشافعي والأكثرين-: إنه لا يصلى على غير الأنبياء استقلاله، فلا يقال: اللهم صل على أبي بكر، أو على عمر، أو غيرهما؟ ولكن يصلي عليهم تبعا. وقال أحمد وجماعة: يصلي على كل واحد من المؤمنين مستقلا.
ثم اختلفوا- أيضا- في وجوب الصلاة على النبي- عليه السلام- في التشهد الأخير، فقال أبو حنيفة، ومالك، والجماهير: إنها سُنَّة حتى لو تركها صحت صلاته. وقال الشافعي، وأحمد: واجبة، لو تركها لم