القرطبي: وهذا فاسد؛ لأنه حينئذ لا يكون جوابا عَما سُئلَ عنه. ويُقالُ: بين النسيان والسهْو فرق، فقيل: كان النبي- عليه السلام- يَسْهُو ولا يَنسى؛ ولذلك نفى عن نفسه النسيان؛ لأن فيه غفلة ولم يَغْفُل، قاله القاضي. وقال القشيري: يَبْعدُ الفرق بينهما في استعمال اللغة، وكأنه يتلوّح من اللفظ، على أن النسيان عدم الذكر لأمر لا يتعلق بالصلاة، والسهو: عدم الذكر لأمر يتعلّق بها، ويكون النسيان: الإعراض عن تفقد أمورها حتى يحصل عدم الذكر، والسهو: عدم الذكر لا لأجل الإعراض. وقال القرطبي: لا نسلم الفرق ولئن سُلم فقد أضافَ- عليه السلام- النسيان إلى نفسه في غير ما موضع بقوله:" إنما أنا بشرٌ أنسى كما تَنْسون، فإذا نَسيتُ فذكروني (١) ". وقال القاضي: إنما أنكر- عليه السلام- " نَسِيتَ " المُضافة إليه، وهو قد نهى عن هذا بقوله:" بئسما لأحدكم أن يقول: نسيتُ آيةَ كذا؛ ولكنه نُسِّي "، وقد قال- أيضا-:"لا أنسى "- على النفي" ولكن أُنَسَّى " وقد شك بعض الرواة في روايته فقال: " انْس أو أُنَسَّى" وأن "أو" للشك أو للتقسيم، وأن هذا يكون منه مرة من قبل شغله، ومرة يغلب ويخبر عليه، فلما سأله السائل بذلك أنكره، وقال:" كل ذلك لم يكن " وفي الأخرى: " لم أنس ولم تُقْصَرْ " أما القصر: فبين، وكذلك لم أنس حقيقة من قبل نفسي؛ ولكن الله أنساني. ويمكن أن يجاب عما قاله القاضي: إن النهي في الحديث عن إضافة " نسيتُ " إلى الآية الكريمة؛ لأنه يقبح للمؤمن أن يُضيف إلى نفسه نسيان كلاَم الله تعالى، ولا يلزم من هذا النهي الخاص" النهيُ عن إضافتهَ إلى كل شيء، فافهم. وذكر بعضهم أن العصمة ثابتة في الإخبار عن الله تعالى، وأما إخباره عن الأمور الوجودية فيجوز فيها/ النسيان. [٢/٥٨ - ب] قلت: تحقيق الكلام في هذا المقام أن قوله: " لم أنس ولم تُقْصر الصلاة" مثل قوله: "كل ذلك لم يكن "، والمعنى: كل من القصر