المضار والمنافع، وإن كان غير عدلا أو صبيا أو كافراً إذا وقع في قلب
السامع صدقُه.
الخامسة: فيه جواز الصلاة الواحدة إلى جهتين؛ وذلك فيمن اشتبهت
عليه القبلة، فإنه إذا تحرى وصلى إلى جهة ثم علم أنه أَخطأ وهو في
الصلاة، استدار إلى القبلة كما في قضية أهل قباء، وكذا إلى جهات
مختلفة فيما إذا أتم قوما في ليلة مظلمة، فتحرى القبلة وصلى إلى جهة،
وتحرى مَن خلفه فصلى كل واحد منهم إلى جهةٍ وكلهم خلفه، ولا
يعلمون ما صنع الإمام أجزأهم لوجود التوجه إلى جهة التحري.
وقالت الشيخ محيي الدين (١) : وفيه جواز الصلاة الواحدة إلى جهتين
وهذا/ هو الصحيح عند أصحابنا فيمن صلى إلى جهة بالاجتهاد، ثم [٢/٧٠- ب] تغير اجتهاده في أثنائها، فيَسْتدبرُ إلى الجهة الأخرى حتى لو تغير اجتهاده
أربع مرات في الصلاة الواحدة، فصلى كل ركعة منها إلى جهة صحت
صلاته على الأصح.
السادسة: فيه دليل على أن النسخ لا يَثبُت في سنن المكلف حتى يبلغه
وهذا ظاهر. والحديث: أخرجه مسلم، والنسائي، وابن خزيمة؛ وزاد
في آخره: " واعتدوا بما مضى من صلاتهم ". وعند الطبراني في
" الأوْسط ": نادى منادي النبي- عليه السلام-: إن القبلة حولت إلى
البيت الحرام- وقد صلى الإمام ركعتين- فاستداروا. وقالت الطحاوي:
وفي كونهم "استداروا " دليل على أن من يعلم بفرض الله تعالى ولم تبلغه
الدعوة، ولم يمكنه استعلام ذلك من غيره، فالفرض في ذلك غير لازم
له، وكذا الرجل يُسلمُ في دار الحرب أو دار الإسلام، وتمرّ عليه فرائضُ
لم يعلمها، ولم يعلم بفرضيتها، ثم علم بفرضيتها بعدُ فللعلماء في ذلك
قولان، أحدهما: إن كان في دار الحرب بحيث لا يجد من يُعلمه لا
يجب عليه قضاء ما مر، وإن كان في دار الإسلام أو في دار الحرب وعنده
(١) شرح صحيح مسلم (٩/٥) .