للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " إلا الجنُّ والإنْسَ " بالنَصْب؛ لأنه مستثنى من قوله: " وهي مُسيخةٌ " وهو كلام موجب، والمُسْتثنى يَنْتصبُ إذا كان بعد "الا" غير صفة في كلام مُوجب- كما عرف في موضعه- والجن: ولد إبليس- عليه اللعنة- والكافر منهم شيطان، ولهم ثواب وعقاب، واختلف في دخولهم الجنة. وعن ابن عباس: إنهمِ ولد الجن بني الجان، وليسوا بشياطين؛ ومنهم كافر ومنهم مؤمن، ويعيشون ويموتون، والشياطين لا يموتون إلا عند موت إبليس. وذهبَ الجاحظ إلى أن الجن والملائكة واحد. فمن طَهُر منهم فهو ملك، ومَنْ خبُث منهم فهو شيطان، ومن كان بَيْن بين فهو جِن. وقال الجوهري: الجن خلاف الإنس، والواحِد: جني؛ يقال: سميت بذلك؛ لأنها تُتقى ولا تُرى.

قلت: سمّيت بذلك لأنهم مستورون من بني الدم؛ من الامتنان وهو الاستتار؛ ومنه الجُنة- بالضم- ما استترتَ به من سلاح، والجَنة - بالفتح- البستان؛ لاجتنانهم بأشجارها، والجَنين لاستتاره في بطن أمه، والجَنان: القلب كذلك، الجَننُ: القَبرُ كذلك- والإنسُ: البشر، والواحد: إنسِي وأنَسِي- أيضا- بالتحريك، والجمع: َ أناسي. وتقديم الجن لا يدل على تفضيله؛ لأن الواو لا تدل على الترتيب.

قوله: " وفيها ساعة " أي: في يوم الجمعة ساعةٌ؟ والساعة: اسمٌ لجزء مخصوص من الزمان، ويرد على أنحاء، أحدها: يطلق على جزء من أربعة وعشرين جزءاً؛ وهي مجموع اليوم والليلة، وتارة تطلق مجازاً على جزء ما غير مقدر في الزمان فلا يتحقق، وتارة تطلق على الوقت الحاضر، ولأرباب النجوم والهندسة وضع آخر؛ وذلك أنهم يقسمون كل نهار وكل ليلة باثني عشر قسماً سواء كان النهار طويلا أو قصيراً وكذلك الليل، ويُسمّون كل ساعة (١) من هذه الأقسام ساعةً؛ فعلى هذا


(١) كذا، والجادة " قسم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>