للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " الجمعة سنن واجب" أي: فرض عين لا يجور التخلف عنها. قوله: " في جماعة" لأنه إذا لم تكن جماعة لا تجب الجمعة؛ وأقلها: ثلاثة سوى الإمام عند أبي حنيفة. وبهذا الحديث استدل أصحابنا، وقال صاحب " الهداية": ولا تجب- أي: الجمعة- على مسافرِ ولا امرأةِ ولا مريض ولا عبد ولا أعْمى.

وقال الخطابي (١) : أجمع الفقهاء على أن النساء لا جمعة عليهن، فأما العبيد: فقد اختلفوا فيهم، فكان الحسن وقتادة يوجبان على العبد الجمعة إذا كان مُخارَجاً، وكذلك قال الأوزاعي، وأحسب أن مذهب داود: إيجاب الجمعة عليه. وقد روي عن الزهري أنه قال: إذا سمع المسافر الأذان فليحضر الجمعة. وعن إبراهيم النخعي نحو منْ ذلك. ص- قال أبو داود: طارق بن شهاب قد رأى النبي- عليه السلام- ولم يَسْمع منه شيئاً.

ش- هذا غير قادح في صحة الحديث؛ فإنه يكون مرسل صحابي وهو حجة، وكذا قال النووي في "الخلاصة "، وقال: والحديث على شرط الشيخين. انتهى. ورواه الحاكم في "المستدرك " عن هريم بن سفيان به، عن طارق بن شهاب، عن أبى موسى مرفوعاً وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد احتجا بهريم بن سفيان. ورواه ابن عيينة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، فلم يذكر فيه أبا موسى، وطارق بن شهاب يُعد في الصحابة. وقال البيهقي في " سننه ": هذا الحديث وإن كان فيه إرسال فهو مُرسل جيد، وطارق من كبار التابعين، وممن رأى النبي- عليه السلام- وإن لم يسمع منه، ولحديثه شواهد. وقد صرح ابن الأثير في "جامع الأصول " بسماعه من النبي- عليه السلام- حيث قال: رأى النبي- عليه السلام- وليس له سماع منه إلا شاذا، ويؤيدُ هذا قول الزهري في "التهذيب ": صحابي


(١) معالم السنن (١/ ٢١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>