للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقت شدة الحر، وفي ذلك الوقت تسجر جهنم، وتكون شدة حر ومشابهة بنار جهنم، فلا يشتغل بالصلاة في مثل ذلك الوقت.

قوله: " ألا يوم الجمعة" استثناء من قوله: "تسجر " أي: إلا يوم الجمعة لا تسجر فيه جهنم، فلا تكره فيه الصلاة نصف النهار، هذا حاصل معنى الحديث، وهو من جملة متمسك من يجوز الجمعة قبل الزوال، وهو مذهب أحمد وغيره كما ذكرناه، فلذلك بوب أبو داود بقوله: "باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال ".

قلت: يمكن أن يُنزل الحديث على معنى أحسن من ذلك، وهو أن يكون المراد من قوله: "نصف النهار" بعد الزوال من غير تأخير، وهو أول وقت الظهر، أطلق عليه النصف باعتبار قربه منه، ويكون معنى كراهة الصلاة في ذلك الوقت لأجل شدة الحر من فيح جهنم، ولأجل تسجير جهنم فيه، فيكون التأخير من ذلك الوقت إلى وقت البرودة مستحباً كما قال: "ابردوا بالظهر " الحديث. ويكون المراد من قوله: "كره الصلاة" هي صلاة الظهر، ويكون معنى قوله: "إلا يوم الجمعة": لا تكره الصلاة في ذلك الوقت، يعني: في أول الوقت الذي يلي الزوال من غير تأخير، لعدم العلة الموجبة للكراهة، وهي تسجير جهنم، فتكون الصلاة في وقتها بعد الزوال بهذا التقدير، وح (١) لا يستقيم التبويب على الحديث؛ لأن التبويب في الصلاة قبل الزوال، وهذه صلاة بعد الزوال لما قلنا، ولا يبقى أيضا مستندا لمن يجور الجمعة قبل الزوال، فافهم.

ص- قال أبو داود: وهو مرسل. مجاهد أكبر من أبي الخليل، وأبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة.

ش- أي: الحديث مرسل، ومجاهد بن جبر كبر منه في العمر، وقد ذكرنا أن أبا الخليل روى عن مجاهد كما ذكره في " الكمال "،


(١) أي: " وحينئذ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>