للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيخ محيي الدين (١) : " هذه الأحاديث كلها صريحة في الدلالة لمذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وفقهاء المحدثين أنه إذا دخل الجامع يوم الجمعة والإمام يخطب، استحب له أن يصلي ركعتين تحية المسجد، ويكره الجلوس قبل أن يصليهما، وأنه يستحب أن يتجوز فيهما ليستمع الخطبة. وحكي هذا المذهب أيضا عن الحسن البصري وغيره من المتقدمين. قال القاضي: قال مالك، والليث، وأبو حنيفة، والثوري، وجمهور السلف من الصحابة والتابعين: لا يصليهما. وهو مروي عن: عمر، وعثمان، وعليّ- رضي الله عنهم-، وحجتهم: الأمر بالإنصات للإمام، وتأولوا هذه الأحاديث أنه كان عرياناً، فأمره رسول الله بالقيام ليراه الناس ويتصدقوا عليه، وهذا تأويل باطل يرده صريح قوله: " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما"، وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل، ولا أظن عالماً يبلغه هذا اللفظ صحيحاً فيخالفه".

قلت: أما أصحابنا فإنهم لم يأولوا الأحاديث المذكورة بهذا الذي ذكره حتى يشنع عليهم هذا التشنيع، بل أجابوا بجوابين، الأول: أن النبي - عليه السلام- أنصت له حتى فرغ من صلاته، والدليل عليه ما رواه الدارقطني في " سننه " (٢) من حديث عبيد بن محمد العبدي، ثنا معتمر، عن أبيه، عن قتادة، عن أنس قال: دخل رجل المسجد ورسول الله- عليه السلام- يخطب، فقال له النبي- عليه السلام-: "قم فاركع ركعتين "، وأمسك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته. ثم قال: أسنده عبيد بن محمد ووهم فيه.

ثم أخرجه (٣) عن أحمد بن حنبل: ثنا معتمر، عن أبيه قال: جاء رجل والنبي- عليه السلام- يخطب فقال: لا يا فلان، أصليت؟ " قال: لا، قال: رقم فصل"، ثم انتظره حتى صلى، قال: وهذا المرسل هو الصواب.


(١) شرح صحيح مسلم (١٦٤/٦)
(٢) (١٥/٢) .
(٣) (١٦/٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>