للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي حداً في القصر، لمن كان في حرب يخاف على نفسه العدو، وكذلك كان حال رسول الله أيام مقامه بمكة، فأما في حال الأمن فان الحد عنده في ذلك أربعة أيام، فإذا أزمع مقام أربع أتم الصلاة، وذهب في ذلك إلى مقام رسول الله بمكة في حجه، وذلك انه دخلها يوم الأحد، وخرج يوم الخميس، كل ذلك يقصر الصلاة، وكان مقامه أربعة أيام، وقد روي عن عثمان بن عفان، أنه قال: " من أزمع مقام أربع فليتم " وهو قول مالك بن أنس، وأبي ثور. وقال الأوزاعي: إذا أقام اثنتي عشرة ليلة أتمم الصلاة، وروي ذلك عن ابن عمر. وقال الحسن بن صالح بن حي: إذا عزم مقام عشر أتم الصلاة، وأما أحمد بن حنبل ف! نه لا يجد ذلك بالأيام والليالي، ولكن بعدد الصلوات، قال: إذا أجمع المسافر لإحدى وعشرين صلاة مكتوبة قصر، فإذا عزم على أن يقيم كثر من ذلك أتم، وهذا، قريب من قولا عالك، والشافعي، إلا أنه رأى تحديده بالصلوات أحوط وأحصر، فخرج من ذلك زيادة صلاة واحدة على مدة أربعة أيام ولياليها. وقال ربيعة قولاً شاذا: إن من أقام يوما وليلة أتم الصلاة ".

قلت: قوله: " وكذلك كان حال الرسول أيام مقامه بمكة " غير صحيح , لأن الله تعالى قال: {لَتَدْخُلُنَّ المَسْجدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللهُ آمنين} (١) ، وكيف يكون خائفا؟ وأما تحديده بأرَبعة أيام فيرده حديث أنسً كما ذكرناه مستوفى.

والحديث أخرجه: الترمذي، وقال: حديث حسن. ورواه الطبراني

في " معجمه "، وابن أبي شيبة في " مصنفه "، وإسحاق بن راهويه، وأبو داود الطيالسي (٢) ، والبزار في" مسانيدهم " (٣) ، ولفظ الطيالسي قال: " ما سافرت مع رسول الله سفرا قط إلا صلى ركعتين حتى يرجع،


ـ
(١) سورة الفتح: (٢٧) .
(٢) (ص/ ١١٥) .
(٣) وأخرجه كذلك أحمد (٤/ ٤٣٠، ٤٣١، ٤٣٢، ٤٤٠) ، والبيهقي في سننه (٣ / ١٣٥، ١٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>