للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السجدةَ تَشَزن الناسُ للسجود، فقال رسولُ الله: إنما هي توبةُ نبيّ، ولكني رأيتُكُم تَشزنتُمْ للسجُودِ، فَنَزَلً فَسَجدَ وسَجَدُواَ " (١) .

ش- عبد الله بن وهب، وعمرو بن الحارث، وابن أبي هلال: سعيد بن أبي هلال الليثي المصري.

قوله: " تشزن الناس " معناه تأهبوا للسجود، وتهيؤا له، وأصله من الشزن، وهو القلق، يقال: بات فلان على شزن، أي: بات قلقا يتقلب من جنب إلى جنب، وقال ابن الأثير في " باب الشين مع الزاي (٢) ": التشزُّن التأهب، والتهيؤ للشيء، والاستعداد له، مأخوذ من عُرض الشيء وجانبه، كأن المتشزًن يدع الطمأنينة في جلوسه، ويقعد مستوفِزًا على جانب.

قوله: " إنما هي توبة نبيل نبي " والمراد به داود- عليه السلام- والحديث أخرجه الحاكم في " المستدرك " في تفسير سورة " ص وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وقال النووي في "الخلاصة ": سنده صحيح على شرط البخاري، واستدل به الشافعي أيضًا أن سجدة لص " ليست من العزائم، وإنما هي سجدة شكر.

قلنا: هذا أيضًا حجة لنا، لأنا نقول سجدها داود- عليه السلام- توبة، ونحن مسجدها شكرًا، لما أنعم الله تعالى على داود بالغفران، والوعد بالزلفى، وحسن المآب، ولهذا لا يسجد عندنا عقيب قوله: {وأنَابَ} بل عقيب قوله: {مآب} وهذه نعمة عظيمة في حقنا، وطمعنا في إقالة عثراتنا، وغفران ذنوبناً، وزلاتنا، فكانت سجدة تلاوة، لأن سجدة التلاوة ما كان سبب وجوبها التلاوة، وسبب وجوب هذه السجدة تلاوة هذه الآية التي فيها الإخبار عن هذه النعم على داود- عليه [٢/ ١٥٧- ب] السلام- وأطماعنا من نيل مثله، وكذا سجدة/ النبي- عليه السلام- في الجمعة الأولى، وترك الخطبة لأجلها، فدل على أنها سجدة تلاوة،


(١) تفرد به أبو داود.
(٢) النهاية: (٢/ ٤٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>