فإن قيل: قد قال الخطابي: تخصيصه أهل القرآن بالأمر فيه يدل على
أن الوتر غير واجب، ولو كان واجبًا لكان عاما، وأهل القرآن في عُرف
الناس هم القراء، والحفاظ، دون العوام،/ قلنا: أهل القرآن بحسب [٢/ ١٥٨ - ب] اللغة يتناول كل من معه شيء من القرآن، ولو كان آية فيدخل فيه الحفاظ، وغيرهم، على أن القرآن كان في زمنه- عليه السلام- معرّفا بين الصحابة، وبهذا التأويل الفاسد لا يبطل مقتضى الأمر الدال على
الوجوب، ولا سيما تكد الأمر بالوتر بمحبة الله إناه، بقوله: , فإن الله
وتر، يحب الوتري والحديث أخر له: الترمذي، والنسائي، وابن
ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن.
فان قيل: القول بفرضية الوتر يؤدي إلى أن تكون الفرائض ستة، وأنه
خلاف الكتاب، والسُنَة، وإجماع الأمة قلنا: لا يلزم هذا أبا حنيفة،
لأنه لا يقول بفرضيته مثل فرضية الظهر مثلاً دائما يقول: بوجوبه،
والفرق بين الواجب، والفرض، كالفرق بين السماء والأرض.
الثاني: فيمن يجب عليه: فلا يختص ببعضه دون بعض كالجمعة،
وصلاة العيدين، بل يعم جميع الناس أجمع، من الحر، والعبد،
والذكر، والأنثى، بعد أن كان أهلا للوجوب، لأن ما ذكرنا من دليل
الوجوب لا يوجب الفصل.
الثالث: في بيان مقداره: فقد اختلف العلماء فيه، قال أصحابنا:
الوتر ثلاث ركعات، بتسليمة واحدة، في الأوقات كلها، وقال الشافعي
هو بالخيار، إن شاء الوتر بركعة، لان شاء الوتر بثلاث، اهو خمس، أو
سبع، أو تسع، أو إحدى عشر في الأوقات كلها، وقال الزهري: في
شهر رمضان ثلاث ركعات، وفي غيره ركعة واحدة.
وقال الخطابي: وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن الوتر ركعة،
منهم: عثمان بن عفان، وسعد بن أبى وقاص، وزيد بن ثابت،
وأبو موسى الأشعري، وابن عباس، وعائشة، وابن الزبير، وهو
مذهب ابن المسيب، وعطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي،