وروى محمد بن الحسن في كتابه " الآثار ": أخبرنا أبو حنيفة، عن
حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي قال: لم يُر النبي- عليه السلام- قانتاً في الفجر حتى فارق الدنيا.
وقال ابن الجوزي في " التحقيق ": أحاديث الشافعية على أربعة أقسام،
منها: ما هو مطلق وأن رسول الله- عليه السلام- قنت , وهذا لا نزاع
فيه , لأنه ثبت أنه قنت، والثاني: مقيد بأنه قنت في صلاة الصبح فيحمل
على فعله شهرا بأدلتنا، الثالث: ما رُوي عن البراء بن عازب أن النبي
- عليه السلام- كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب. رواه مسلم،
وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وأحمد، وقال أحمد: لا يُروى عن
النبي- عليه السلام- أنه قنت في المغرب إلا في هذا الحديث، والرابع:
ما هو صريح في حجتهم , نحو ما رواه عبد الرزاق في " مصنفها- وقد
ذكرناه الآن-.
قال: وقد أورد الخطيب في كتابه الذي صنفه في " القنوت " أحاديث
أظهر فيها تعَصبه , فمنها: ما أخرجه عن دينار بن عبد الله خادم أنس بن
مالك، عن أنس بن مالك قال: ما زال رسول الله- عليه السلام-[٢/ ١٦٥ - أ] يقنت في صلاة الصبح حتى مات. قال: وسكوته/ عن القدح في هذا الحديث، واحتجاجه به وقاحة عظيمة، وعصبية نادرة، وقفة دين , لأنه
يعلم أنه باطل , قال ابن حبان: دينار يروي عن أنس أضناء موضوعه لا
يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل القدح فيها، فواعجبا للخطيب! أما
سمع في " الصحيح ": " من حدث عني حديثًا وهو يرى أنه كذب فهو
أحد الكاذبين "؟ ! وهل مثله إلا كمثل من أنفق بَهْرجًا ودلسه , فإن كثر
الناس لا يعرفون الصحيح من السقيم، وإنما يظهرُ ذلك للنُقاد، فإذا أورد
الحديثَ مُحدثْ، واحتج به حافظ، لم يقع في النفوس إلا أنه صحيح
ولكن عصبيته. ومَنْ نظر في كتابه الذي صرفه في القنوت، وكتابه الذي
صنفه في الجهر بالبسملة، ومسألة الغيم، واحتجاجه بالأحاديث التي يعلم
بطلانها اطلع على فرط عصبيته، وقفة دينه، ثم ذكر له أحاديث أخرى