وأبو حنيفة، والشافعي والأكثرون: لا يصلّى على غير الأنبياء استقلالا، لا يقال: اللهم صل على أبي بكر، أو عمر، أو عليّ، أو غيرهم , ولكن يُصلّى عليهم تبعا، فيقال: اللهم صل على محمد وال محمدٍ وأصحابه وأزواجه وذريته- كما جاءت الأحاديث. وقال أحمد وجماعة: يُصلى على كل واحد من المؤمنين مُستقلاً، واحتجوا بهذا الحديث وبقوله - عليه السلام-: " اللهم صل على آل أبي أوفى " وكان إذا أتاه قوم بصدقتهم صلّى عليهم، واحتج الأكثرون بأن هذا النوع مأخوذ من التوقيف، واستعمال السلف، ولم يُنقل استعمالهم ذلك؛ بل خصّوا به الأنبياء كما خصوا الله تعالى بالتقديس والتسْبيح فيقال: قال الله سبحانه وتعالى، وقال الله تعالى، وقال عز وجل، وقال الله جلّت عظمته، وتقدست أسماؤه، وتبارك وتعالى ونحو ذلك، ولا يُقال: قال النبي عز وجلّ وإن كان عزيزا جليلا ولا نحو ذلك. وأجابوا عن الأحاديث أن ما كان من الله ورسوله فهو. دعاء وترحم، وليس فيه معنى التعظيم والتوقير الذي يكون من غيرهما. وكذا الجواب عن قوله تعالى:(إنّ الله وملائكتهُ يُصلُّون على النبي) الآية (١) . وأما الصلاة على الآل والأزواج والذرية فإنما جاء على التبع لا على الاستقلال، والتابع يحتمل فيه ما لا يحتمل استقلالا.
وقال الشيخ محيي الدين: اختلف أصحابنا في الصلاة على غير الأنبياء هل يقال: هو مكروه أو مجرد ترك أدب؟ والصحيح المشهور: انه مكروه كراهة تنزيه. وقال الشيخ أبو محمد الجُويني: والسلام في معنى الصلاة , فإن الله تعالى قرن بينهما فلا يفرد به غائب غير الأنبياء، فلا يقال. أبو بكر، وعمر، وعليّ- عليه السلام- , وإنما يقال ذلك خطابًا للأحياء والأموات، فيُقال: السلام عليكم ورحمة الله، والله أعلم. والحديث: أخر له الترمذي، والنسائي، وإسناده حسنٌ.