سقيفة بني ساعدة، ثم في المسجد البيعة العامة في بقية يوم الاثنين، وصبيحة الثلاثاء، ثم أخذوا في غسل رسول الله وتكفينه والصلاة عليه في بقية يوم الثلاثاء، ودفنوه ليلة الأربعاء، وبايعه جميع الصحابة حتى علي ابن أبي طالب، والزبير بن العوام، وما قيل من أن عليا بايعه بعد موت فاطمة، وقد ماتت بعد أبيها بستة أشهر فذاك محمول على أنه بيعة ثانية أزالت ما كان وقع من وحشته بسبب الكلام في الميراث، ومنعه إياهم ذلك
بالنص عن رسول الله- عليه السلام- من قوله: "لا نورث، ما تركناه فهو صدقة".
قوله: " وكفر من كفر من العرب " " (١) كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين، ونابذوا الملة، وعادوا إلى كفرهم، وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله: "وكفر من كفر من العرب " وهذه الفرقة طائفتان، إحداهما
أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوه على دعواه في
النبوة، وأصحاب الأسود العنسي ومن كان من مستجيبيه/ من أهل اليمن وغيرهم، وهذه الفِرقة بأسرها منكرة لنبوة نبينا محمد- عليه السلام-
مدعية النبوة لغيره فقاتلهم أبو بكر- رضي الله عنه- حتى قتل الله تعالى
مسيلمة باليمامة، والعنسي بالصنعاء، وانفضت جموعهم وهلك كفرهم،
والطائفة الأخرى ارتدوا عن الدين، فأنكروا الشرائع، وتركوا الصلاة
والزكاة وغيرهما من أمور الدين، وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية،
فلم يكن يُسجدُ لله تعالى في بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد: مسجد
مكة، ومسجد المدينة، ومسجد عبد الريس في البحرين في قرية يقال
لها: جُوَاثا، والصنف الآخر هم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة، فأقروا
بالصلاة، وأنكروا فرض الزكاة، ووجوب أدائها إلى الإمام، وهؤلاء
على الحقيقة أهل بَغي، وإنما لم يُدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان
خصوصا لدخولهم في غمار أهل الردة، فأضيف الاسم في
(١) انظر: معالم السنن (٢/ ٣: ٥) .