للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطابي (١) : في هذا حجة لمنْ ذَهب إلى أن صدقة الفطر من البر نصْف صاع، وفيه دليل على أنها واجبة على الطفل كوجوبها على البالغ، وفيه بيان ابن الفقير تلزمه صدقة الفطر إذا وجد ما يؤديه، ألا تراهُ يقولُ: "وأما فقيركم فيردّ اللهُ عليه أكثر مما أعطاه"، فقد أوجب عليه أن يؤديها عن نفسه مع إجازته له أن يأخذ صدقة غيْره. وفي قوله: " ذكر أو أنثى" دليلٌ لمنْ أسقط صدقة الزوجة عن الزَّوْج لأنه في الظاهر: إيجاب على المرأة، فلا يزول الفرض عنها إلا بدليل، وهو مذهب أصحاب الراوي، والثوري. وقال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يُخرج عن زوجته لأنه يمونها.

قلت: قوله: " فقد أوجب عليه أن يؤديها عن نفسه " غير مُسلم. لأن اللفظ ليْس فيه ما يَدلُّ على أنها تجب على الفقير بل مَعْناه: أن الفقيرَ إذا تبرع بها ابتغاء لمرضاة الله تعالى، فالله تعالى يُجازِيه في الدنيا بأن يرد عليه كثر مما أعطاه، وفي الآخرة بالثواب الجزيل.

" (٢) واعلم أن هذا الحديث الذي رواه الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة

له وجوه، اْحدها: رواية بكر بن وائل رواه أبو داود على ما نذكره عن قريب.

الثاني: رواية النعمان بن راشد، وهي التي ذكرناها الآن، وأخرجه الدارقطني (٣) ، عن إسحاق بن أبي إسرائيل، عن حماد بن زيد، به مرفوعاً " أدوا صدقة الفطر صاعا من تمرٍ، أو صاعا من شعير، أو نصْف صاع من بُر" إلى آخره، ثم أخرجه عن يزيد بن هارون (٣) ، عن حماد بن زيد، به قال: " أدوا عن كل إنسان صاعا من بر عن الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والغني والفقير" إلى آخره، ثم أخرجه (٤) ، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد به، عن ثعلبة بن أبي صغير به،


(١) معالم السنن (٢/ ٤٥) .
(٢) انظر: نصب الراية (٢/ ٤٠٦- ٤١٠) .
(٣) سننه (٢/ ١٤٧) .
(٤) (٢/ ١٤٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>