للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله:" أو لغارم " الغارم: من لزمه دين، ولا يملك نصابا فاضلاً عن دينه، كذا فسره صاحب "الهداية"، ثم قال: وقال الشافعي: من تحمل غرامة في إصلاح ذات البين، وإطفاء النائرة بين القبيلين.

وقال الخطابي (١) : وأما الغارم الغني فهو: الرجل يتحمل الحمالة ويدان في المعروف، وإصلاح ذات البين، وله مال إن يقع فيها افتقر فيُوَفَرُ عليه ماله، ويعطى من الصدقة ما يقضي به دينه، وأما الغارم الذي يدان لنفسه وهو معسر، فلا يدخل في هذا المعنى لأنه من جملة الفقراء. انتهى.

فإن قيل: ما فسره صاحب "الهداية " لا يطلق إلا على الفقير، وهو ليس له دخل في هذا الباب لأن الكلام في الغارم الغني، كما دل عليه عبارة الحديث، وكما بينه الخطابي. قلت: ليس الأمر كما ذكرتم لأن الغارم الذي فسره صاحب " الهداية " إنما هو فقير بالنظر إلى نفس الأمر، أعني عند مقابلة موجودة وما يملكه بسائر ديونه، وأما بالنظر إلى الظاهر فيطلق عليه أنه غني غارم في (٢) يصح الاستثناء، ويكون المعنى: تحمل الصدقة للغارم الغني في الصورة، وإن كان فقيرا في نفس الأمر بالمعنى الذي ذكرناه- كما قلنا-: إن المراد بالغازي الغني: الغني بالقوة والقدرة على الكسب، فافهم.

قوله ": " أو لرجل اشتراها" أي: اشترى الصدقة بماله، والمعنى: إن المتصدق إذا تصدق بالشيء، ثم اشتراه من المدفوع إليه، فإن أبيع جائز، وقد كرهه كثر العلماء مع تجويزهم أبيع في ذلك. وقال مالك: إن اشتراه فالبيع مفسوخ، وقد مر الكلام فيه مرة مستوفى.

قوله: " أو رجل كان له جار مسكين " برفع " مسكين" على أنه صفة للجار، الذي ارتفع بأنه اسم كان، وإنما جاز في هذه الصورة لأن المهدي له الصدقة إذا ملكها، فقد خرجت أن تكون صدقة،


(١) نفسه.
(٢) أي: "فحينئذ."

<<  <  ج: ص:  >  >>