للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصد من الحث على الصدقة أوْلى، فعلى التأويل الأول هي العليا بالصورة. وعلى الثاني عليا بالمعنى. وفي الحديث ندب إلى التعفف عن المسألة، وحض على معالي الأمور، وترك دنيها، وفيه أيضا حض على الصدقة. والحديث أخرجه: النسائي أيضا بنحوه.

ص- قال أبو داود: اخْتُلفَ على أيوبَ، عن نافع في هذا الحديث،

فقال (١) عبدُ الوارث: اليدُ الَعُليا المتعففةُ. وقال كثرُهمً عن حماد بن زياد، عن أيوبَ: اليدُ العُليا المنفقةُ. وقال واحد (٢) : المتعففةُ. ً

ش- أشار بهذا إلى أن كثر الرواة رووا: " اليد العُليا المنفقة" من الإنفاق، وأن رواية: "اليد العليا المتعففة" بالعين من العفة هي رواية واحد، وهي رواية عبد الوارث بن سعيد، عن حماد بن زيد، ورجح الخطابي (٣) رواية " المتعففة" وقال: هي أشبه وأصح في المعنى، وذلك أن ابن عمر ذكر أن رسول الله- عليه السلام- قال هذا الكلام وهو يذكر الصدقة والتعفف منها، فعطف الكلام على سببه الذي خرج عليه وعلى ما يطابقه في معناه أوْلى، وقد يتوهم كثير من الناس أن معنى العليا هي أن يد المعطي مستعلية فوق يد الآخذ، يجعلونه من علو الشيء إلى فوق، وليس عندي ذلك بالوجه، وإنما هو من علاء المجد والكرم، يريد به الترفع عن المسألة والتعفف عنها، وأنشدني أبو عمر قال: أنشدنا أبو العباس قال: أنشدنا ابن الأعرابي في معناه:

إذا كان باب الذل من جانب الغنى ... سموت إلى العلياء من جانب الفقر

يريد به التعزز بترك المسألة، والتنزه عنها.

وقال الشيخ محيي الدين (٤) : والصحيح: الرواية الأولى، ويحتمل صحة الروايتين، فالمنفقة أعلى من السائلة، والمتعففة خير من السائلة.


(١) في سنن أبي داود: "قال".
(٢) في سنن أبي داود: "وقال واحد عن حماد "
(٣) معالم السنن (٢/ ٦٠) .
(٤) شرح صحيح مسلم (١٢٥/٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>