للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقا سوى الزكاة، وقالوا: حق المال أن تنحر السمينة، وتمنح الغزيرة، ويُفقرُ الظهرُ، وغير ذلك. قاله الحسن البصري وغيره، وكثر العلماء على أن ذلك كله من الزكاة المفروضة، ولا حق عندهم في المال سواها، وتأولوا قوله- عليه السلام-: " من حقها" أن ذلك حق في كرم المواساة وشريف الأخلاق.

" (١) وقال المازري: يحتمل أن يكون هذا الحق في موضع تتعين فيه المواساة. وقال القاضي: ولعل هذا كان قبيل وجوب الزكاة، وقد اختلف السلف في معنى قوله تعالى: {وَفي أمْوَالهِمْ حَق معْلُوم للسائِلِ وَالمَحْرُوم} (٢) ، فقال الجمهور: المراد به: الزكاة، وأنه ليس في المال حق سوى الزكاة، وأما ما جاء غير ذلك فعلى وجه الندب ومكارم الأخلاق، ولأن الآية إخبار عن وصف قوم أثنى عليهم بخصال كريمة،

فلا يقتضِي الوجوب كما لا يقتضيه قوله تعالى: {كَانُوا قَليلاً من الليْلِ مَا يَهْجَعُون} (٣) ، وقال بعضهم: هي منسوخة بالزكاة، َ وإن كان لفظه لفظ خبر فمعناه أمر. قال: وذهب جماعة منهم: الشعبي، والحسن، وطاووس، وعطاء، ومسروق، وغيرهم إلى أنها محكمة، وأن في المال حقا سوى الزكاة من فك الأسير، وإطعام المضطر، والمواساة في العسرة، وصلة القرابة، (٤) .

١٧٨٠- ص- نا الحسن بن علي، نا يزيد بن هارون أنا شعبة، عن قتادة، عن أبي عمر الغداني، عن أبي هريرةَ قال: سمعتُ رسولَ الله- عليه السلام- نحو هذه القصة- فقال له- يعني: لأبي هريرة-: فَما حَق الإبِلِ؟ قال: " نُعطِي الكًرِيمَة، وتمنح الغَزيرةَ، ونُفْقرُ الطهْرَ، وتُطرقُ الفَحلَ، ونُسقي اللبنَ " (٥) .


(١) انظر: شرح صحيح مسلم (٧/ ٧١) .
(٢) سورة المعارج: (٢٤، ٢٥) .
(٣) سورة الذاريات: (١٧)
(٤) إلى هنا انتهى النقل من شرح صحيح مسلم.
(٥) النسائي: كتاب الزكاة، باب: سقوط الزكاة عن الخلل إذا كانت رسلا لأهلها ولحمولتهم (٥/ ٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>