للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضعفه وقال: " ما أدري ما هذا ". وعلى تقدير ثبوت الحديث يحتمل

أن تكون (١) تلك/الحفنةُ من الماء قد وصلت إلى ظاهر القدم وباطنه،

وإن كان في النعل، ويدل على ذلك قوله: " ففتلها بها، ثم الأخرى

مثل ذلك "، والحفنة من الماء ربما كفت مع الرفق في مثل هذا، ولو كان

أراد المسح على بعض القدم لكان يكفيه ما دون الحفنة. وقد روي عن علي

- رضي الله عنه- في غير هذه الرواية: " أنه توضأ ومسح على نعليه،

وقال: هذا وضوء من لم يحدث " (٢) .

والجواب عن قراءة الجر في الآية: " (٣) أن العطف قد يقع مرة على

اللفظ المجاور، ومرة على المعنى المجاور، فالأول كقولهم: جحر ضب

خربٍ، والخرب من نعت الجحر وهو مرفوع، والآخر كقول الشاعر:

مُعاوي إننا بشرٌ فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا

وإذا كان الأمر في ذلك على مذهب اللغة وحكم الإعراب سواء في

الوجهين، وجب الرجوع إلى بيان النبي- عليه السلام-، وقد ثبت عنه

أنه قال: " ويل للأعقاب من النار " (٤) ، فثبت أن استيعاب الرجلين

غسلاً واجب، وقد يكون المسح في كلام العرب بمعنى الغسل.

وعن أبي زيد الأنصاري: المسح في كلام العرب يكون غسلاً ويكون

مسحاً، ومنه يقال للرجل إذا توضأ فغسل أعضاءه قد تمسح، ويقال:

مسح الله ما بك، أي: أذهبه عنك وطهرك من الذنوب " (٥) .

وعن عليّ- رضي الله عنه-: أنه أشرف على فتية من قريش، فرأى

في وضوئهم تساهلاً فقال: " ويل للأعقاب من النار "، فلما سمعوا

جعلوا يغسلونها غسلاً، ويدلكونها دلكاً.


(١) في الأصل: " يكون ".
(٢) النسائي في كتاب الطهارة، باب: الاعتداء في الوضوء (١/٨٤- ٨٥) . وقال
الحافظ في " الفتح ": " وهي- أي هذه الزيادة- على شرط الصحيح ".
(٣) انظر: معالم السنن ١١/٤٣- ٤٤) . (٤) تقدم برقم (٨٥) .
(٥) إلى هنا انتهى النقل من معالم السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>