للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجة، وأن القرابة يُراعى حقها في صلة الأرحام، وأن لم يجتمعوا إلا في أب بعيد لأن النبي- عليه السلام- أمر أبا طلحة أن يجعل صدقته في الأقران، فجعلها في أبي بن كعب، وحسان بن ثابت، وإنما يجتمعان معه في الجد السابع.

وقال الخطابي (١) : فيه من الفقه: أن الحبس إذا وفي أصله مبهما ولم يذكر سبله وقع صحيحا وفيه دلالة على أن من حبس عقارا على رجل بعينه، فمات المُحبس عليه ولم يذكر المُحبس مصرفها بعد موته، فإن مرجعها يكون إلى أقرب الناس بالواقف، وذلك أن هذه الأرض التي هي " باريحاء" لما حبسها أبو طلحة، بأن جعلها لله- عبر وجَل-، ولم يذكر سُبلها، صرفها رسول الله- عليه السلام- إلى أقرب الناس إليه من قبيلته، فقياس ذلك فيمن وقفها على رجل فمات الموقوف عليه، وبقي الشيء محبس الأصل غير مبين السبل، أن يوضع في أقاربه، وأن يتوخى بذلك الأقرب فالأقرب، ويكون في التقدير، كأن الواقف قد شرطه له، وهذا يشبه معنى قول الشافعي. وقال المدني: يرجع إلى أقرب الناس به إذا كان فقيراً وقصة أبي بن كعب تدل على أن الفقير والغني في ذلك سواء. وقال الشافعي: كان أبي يُعد من مواسير الأنصار، وفيه دليل على جوار قسم الأرض الموقوفة بين الشركاء، وأن للقسمة مدخلاً فيما ليس بمملوك الرغبة، وقد يحتمل أيضا أن يكون أريد بهذه القسمة ريعها دون رقبتها، وقد امتنع عمر بن الخطاب من قسمة أحباس النبي- عليه السلام- بين عليه والعباس لما جاءا يلتمسان ذلك.

قلت: أما قوله: " إن الحبس إذا وقع أصله مبهما ولم يذكر سبله وقع صحيحا" فيه تفصيل، وهو أنه لا- ح (٢) إما أن يقول مثلاً: أرضي هذه أو ضيعتي هذه صدقة، أو جعلت أرضي هذه صدفة، أو قال: أرضي هذه أو ضيعتي هذه وقف، أو جعلت أرضي هذه موقوفة أو وقفاً أو


(١) معالم السنن (٢/ ٦٨ - ٦٩) .
(٢) كذا، ولعلها بمعنى: " لا يخرج ".

<<  <  ج: ص:  >  >>