ولم يزد على هذا، ينظر إن كان في بلدهم تعارفوا أن مثل هذا الكلام يكون وقفا صارت الأرض وقفا لأن المعروف كالمنصوص، وإن لم يكن في بلدهم تعارف يُسأل فيه فبعدَ ذلك المسألةُ على ثلاثة أوجه: إن أراد به الوقف صار وقفا لأنه نوى ما يحتمله، وأن أراد به الصدقة فهو نذر، يتصدق بها أو بثمنها لأنه نوى ما يحتمله، دن لم ينو شيئا، فإن مات صارت ميراثا عنه.
وفي الصورة الرابعة وهي قوله:" أرضي هذه أو ضيعتي هذه لله تعالى، أو جعلتها لله تعالى [.....](١) ، وأما قوله: وفيه دلالة على أن من حبس عقارا على رجل بعينه" إلى آخره. ليس فيه دلالة على نحو ما ذكره لأن الذي يُفهم من الحديث أنه قال: جعلت أرضي باريحاء له، أي: لله تعالى، وهذا يحتمل أن يكون نذراً، ويحتمل أن يكون وقفا فلما قال- عليه السلام-:" اجعلها في قرابتك"، وقسمها أبو طلحة بين حسان وأبيّ تعين جهة الوقفية.
وأما قوله:" وفيه دليل على جواز قسم الأرض الموقوفة" فغير مسلم لأنه لا دليل فيه على ذلك لأن المراد من قوله:" فقسمها بين حسان وأبي" قام الغلة، والريع الحاصل من تلك الأرض، ويؤيد ذلك قضية عمر مع علي والعباس- رضي الله عنهم-، نعم إذا كان الوقف مشاعاً فطلب الشريك القسمة، فيصح مقاسمتُه؟ لأن القسمة فيها معنى المبادلة والإقرار، فجعل في الوقف معنى الإقرار نظر [اً] ، للوقف، وفي "فتاوى الولوالجي ": رجل وقف ضيعة له على بنيه، فأراد أحدهم قسمتها ليدفع نصيبه مزارعة، فهاهنا حكمان، أحدهما: القسمة، والأخر: الدفع مزارعة، أما القسمة قسمة الوقف لا يجوز من أحد، أما الدفع مزارعة فليس لأرباب الوقف أن يعقدوا على الوقف عقد مًزارعة، وأنما ذلك للقيم؟ لأن الولاية للقيم.