قوله: " وذكر فوق العمامة " أي: ذكر مسدد عن المعتمر فوق العمامة،
يعني: مسح على ناصيته، وعلى عمامته، وبين ذلك بقوله: " قال "
أي: مسدد عن المعتمر، سمعتُ أبي- وهو سليمان- يحدث عن بكر بن
عبد الله المزني، عن الحسن البصري، عن ابن المغيرة- إما عروة وإما
حمزة على الاختلاف- عن المغيرة بن شعبة: " أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان
يسمحُ على الخُفين، وعلى ناصيته، وعلى عمامته ".
وقد استدل به أبو حنيفة: أن فرض المسح هو ربع الرأس؛ لأن الناصية
هو الربع. وقال الشيخ محيي الدين النووي: " هذا مما احتج به
أصحابنا على أن مسح بعض الرأس يكفي، ولا يشترط الجميع " (١) .
قلت: هذا حجة عليهم لا لهم؛ لأن الفرض عندهم أدنى ما ينطلق
عليه اسم المسح، وهاهنا قد نص على الناصية، وهو ربع الرأس،
واستدلت الشافعية بقوله: " وعلى عمامته " على استحباب تتميم المسح
بالعمامة، لتكون الطهارة على جميع الرأس، ولا فرق عندهم بين أن
يكون لبس العمامة على طُهْرٍ أو على حدثٍ، وكذا لو كان على رأسه
قلنسوة، ولم ينزعها ومسح بناصيته، يستحب أن يتمم على القلنسوة
كالعمامة، ولو اقتصر على العمامة ولم يمسح من الرأس شيئاً لم يجزئه
ذلك عندهم، ولا عندنا، ولا عند مالك، وهو مذهب أكثر العلماء،
وذهب أحمد إلى جواز الاقتصار، ووافقه على ذلك جماعة من السلف.
١٤٠- ص- حدّثنا مسدد قال: نا عيسى بن يونس قال: حدّثني أبي،
عن الشعبي قال: سمعتُ عروة بن المغيرة بن شعبة يذكر عن أبيه قال: " كنا
مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ركبة ومعي إداوة، فخرج لحاجته، ثم أقبل فتلقيتُهُ
بالإداوة، فأفرغتُ عليه، ً فغسل كفيه ووجهه، ثم أراد أنْ يخرج ذراعيه
وعليه جُبة من صُوفٍ من جباب الروم ضيقة الكمين، فضاقتْ فادرعهُما
(١) انظر: " شرح صحيح مسلم " (٣/١٧٢) .