قوله: " ثم أهويت " من أهوى بيده إليه، أي: مدها نحوه، وأمالها
إليه، يقال: أهوى يده وبيده إلى الشيء ليأخذه.
قوله: " فإني أدخلت القدمين الخفين " كلاهما منصوبان على المفعولية.
وقوله: " وهما طاهرتان " حال من القدمين. وفيه دليل على أن المسح
على الخفين لا يجوز إلا أن يُلبسا على كمال الطهارة، وهذا بالإجماع،
ولكن كمال الطهارة شرط وقت اللُبس أو وقت الحدث؟ فعند أصحابنا:
وقت الحدث، حتى لو غسل رجليه، ولبس خفيه، ثم أكمل الطهارة،
ثم أحدث يُجزئه المسح. وبه قال الثوري، ويحيى بن آدم، والمزني،
وأبو ثور، وداود. وقال الشافعي، ومالك، وأحمد: لا يجوز؛ لأن
كمال الطهارة شرط عندهم وقت اللُّبس. وقال الخطابي في تعليل هذه
المسألة (١) : " وذلك أنه جعل طهارة القدمين معاً قبل لُبس الخفين شرطاً
لجواز المسح عليهما، وعلة لذلك، والحكم المعلق بشرط لا يصح إلا
بوجود شرطه ".
قلت: سلمنا أن الحكم المعلق بشرط لا يصح إلا بوجود شرطه،
ولكن لا نسلم أنه- عليه السلام- شرط كمال الطهارة وقت اللّبس؛
لأنه لا يفهم من نص الحديث، غاية ما في الباب [أنه] أخبر أنه لبسهما
وقدماهُ كانتا طاهرتين، فأخذنا من هذا اشتراط الطهارة لأجل جواز
المسح، سواء كانت الطهارة حاصلة وقت اللبس أو وقت الحدث، وتقييده
بوقت اللبس أمر زائد لا يفهم من العبارة. وأخرجه البخاري ومسلم
مختصراً ومطولاً.
١٤١- ص- حدثنا هدبةُ بن خالد قال: نا همام، عن قتادة، عن الحسن،
وعن زرارة بن أوفى، أن المغيرة بن شعبة قال: " تخلف رسولُ الله " فذكر
هذه القصة، قال: " فأتينا الناس وعبدُ الرحمن بن عوف يُصلّي بهم الصبح،
فلما رأى النبي- عليه السلام- أراد أن يتأخر فأومأ إليه أنْ يمْضي. قال:
(١) معالم السنن (١/٥٠) .