للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قلنا هكذا لأن الشياطين تأوي إلى المزابل، والمواضع التي فيها القذر،

وللشياطين مآوي ومنازل، ومن جملتها مبارك الإبل، وكلمة " من " تدل

على التبعيض.

فن قلت: مرابض الغنم أيضاً فيها الزبل؟ قلت: قد عللها صاحب

الشرع بقوله: " فإنها بركة " والضمير هاهنا يرجع إلى الغنم؛ لأن عين

الغنم بركة، وقد سقط هاهنا رعاية ذاك المعنى، لكون الغنم بركة، وكل

موضع فيه بركة لا تأوي إليه الشياطين، وكيف وقد ورد " ما من نبي إلا

وقد رعى الغنم ".

فإن قلت: ما حكم لحم البقر في ذلك؟ قلت: قد روى أبو بكر بن

أبي شيبة في " مصنفه ": حدّثنا وكيع، عن (١) /سفيان، عن منصور،

عن إبراهيم قال: " ليس في لحوم الإبل والبقر والغنم وضوء ".

قوله: " في مرابض الغنم " المرابض: جمع مربض- بفتح الميم- من

ربض في المكان يربض إذا لصق بها وأقام ملازماً لها، وفي " الصحاح ":

وربوض الغنم والبقر والفرس، والكلب مثل بروك الإبل، وجثوم الطير.

يقال: ربضت الغنم مربض بالكسر، ربوضاً وأربضتها أنا.

وهذا الحديث أخرجه الترمذي، وابن ماجه مختصراً، وكان أحمد بن

حنبل، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقولان: قد صح في هذا الباب

حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة. وحديث جابر بن

سمرة أخرجه مسلم في " صحيحه "، ولفظه: " أن رجلاً سأل رسول

الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا

تتوضأ. قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، فتوضأ من لحوم


(١) مكررة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>