للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " وقام يُصلي " المعنى: قام يشرع في الصلاة؛ لأن حالة القيام لا

يكون مصليا، وإنما يكون شارعاً.

فإن قيل: هذا مخالف لقوله: " إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاةُ،

فابدؤا بالعشاء: قلنا: ليس كذلك، " (١) لأن هذا للصائم الذي قد

أصابه الجوع، وتاقت نفسه إلى الطعام، فأمر أن يصيب من الطعام قدر

ما يُسكن شهوته، لتطمئن نفسه في الصلاة، ولا تنازعه شهوة الطعام،

وهذا فيمن (٢) أحضره الطعام أو أن العادة غداء وعشاء يكون متماسكاً في

نفسه يزعجه الجوع، ولا تعجله عن إقامة الصلاة وإيفاء حقها ".

قوله: " وكان شاربي وفى " أي: كثيراً وافراً من وفي الشيء بالتشديد،

ووفى بالتخفيف أيضاً إذا تم ذلك.

قوله: " فقصه " أي: قطعه من القص، ويستفاد من الحديث فوائد،

الأولى: استحباب إكرام الضيف وإطعامه من خيار الطعام.

والثانية: ترك استخدامه.

والثالثة: المبادرة إلى الطاعة.

والرابعة: جواز الدعاء لرجل بكلمة ظاهرها الذم.

والخامسة: فيه دلالة على [أن] الأمر بالوضوء مما غيرت النار أمر

استحباب لا أمر إيجاب.

السادسة: جواز قطع اللحم بالسكين، فإن قيل: جاء النهي. فيه في

بعض الحديث: " وأمرنا بالنهش " قلنا: المراد من ذلك كراهة زي العجم،

واستعمال عادتهم في الأكل بالأخلة والبارجين على مذهب النخوة والترفه

عن مس الأصابع الشفتين والفم، وأما إذا كان اللحم طابقاً أو عضواً كبيراً

كالجنب ونحوه، لا يكره قطعه بالسكن، وإصلاحه به والحزُ


(١) انظره في معالم السنن (١/٥٨) .
(٢) في الأصل: " وأما إذا "، وما أثبتناه من معالم السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>