يقال: وجهت الرجل إلى ناحية كذا إذا جعلت وجهه إليها، ووجهته عنها
إذا صرفته عن جهتها إلى جهة غيرها.
قوله: " رجاء أن ينزل لهم رخصة " أي: لترجى نزول الرخصة،
ونصبه على أنه مفعول له، و " أن " مصدرية محلها الجر بالإضافة،
و" رخصة " مرفوع بقوله: " تنزل " المجهول.
قوله: " فخرج إليهم بعد " أي: بعد ذلك، وقد عرف أن قبل وبعد إذا
قطع عن الإضافة يصير حدا ينتهى إليه، ويبنى على الضم.
قوله: " فإني لا احل " من الإحلال بمعنى الحل الذي هو ضد الحرام،
والألف واللام في المسجد للعهد، وهو مسجد النبي- عليه السلام-
وحكم غير. مثل حكمه، ويجوز أن يكون للجنس، ويدخل في هذا
الحكم جميع المساجد وهو أوْلى، وإنما قدم الحائض للاهتمام في المنع
والحرمة؛ لأن نجاستها أغلظ، والنفساء مثل الحائض.
وقوله: " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب " بإطلاقه يتناول الدخول
والمرور واللبث فيه، وعن الشافعي ومالك جواز المرور عابر سبيل. وعن
أحمد جواز لبث الجنب فيه بوضوء، والحديث بإطلاقه حجة عليهم.
وأخرج البخاري هذا الحديث في " التاريخ الكبير "، وفيه زيادة، وذكر
بعد حديث عائشة- رضي الله عنها- عن النبي- عليه السلام-:
" سدوا هذه الأبواب إلا باب أبي بكر "، ثم قال: وهذا أصح. وقال
ابن القطان في " كتابه " (١) : قال أبو محمد عبد الحق في حديث جسرة
هذا: إنه لا يثبت من قبل إسناده، ولم يبين ضعفه، ولست أقول: إنه
حديث صحيح، وإنما أقول: إنه حسن، فإنه يرويه عبد الواحد بن زياد،
وهو ثقة لم يذكر بقادح، وعبد الحق احتج به في غير موضع من كتابه.
وقال الخطابي: وضعفوا هذا الحديث وقالوا: أفلت راويه مجهول، لا
يصح الاحتجاج بحديثه. قلت: هذا غير مُسلم، فإن أفلت أو فُليت كما
(١) انظره في نصب الراية (١/١٩٤) .