ألا تراه قال: " أنعم صباحاً "، ثم عقبه بقوله: " تربت يداك "؟
وكثيراً يرد للعرب ألفاظ ظاهرها الذم، وإنما يريدون بها المدح، كقولهم:
لا أب لك، ولا أم لك، وهوتْ أمُّه، ولا أرض لك، ونحو ذلك " (١) .
قوله: " ومن أين يكون الشبه؟ " بفتح الشين والباء يقال: بينهما شبه
أي: مشابهة. والمعنى: أن ماء الرجل إذا غلب ماء المرأة يكون شبه الولد
للأب وبالعكس للأم، ولو لم يكن للأم ماء ما كان يشبه الولد الأم
أصلاً كما في " صحيح مسلم " من حديث طويل: " ماء الرجل أبيض،
وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا منيُّ الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله
تعالى، وإذا علا منيّ المرأة منيّ الرجل أنثا بإذن الله "، وهذا الحديث
أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه من
حديث أم سلمة- رضي الله عنها-.
وهاهنا مسائل فقهية، استيقظ رجل فوجد على فراشه أو فخذه بللاً،
هذا على وجهين، تذكر الاحتلام أم لا، فإن تذكر فعلى أربعة أوجه:
تيقن أنه مني، أو تيقن أنه مذي، أو شك أنه منى أو مذي، ففي الكل
الغسل، وليس في هذا إيجاب الغسل بالمذي، بل بالمني؛ لأن الظاهر أنه
مني ثم رق بطول المدة، وإن تيقن أنه ودي لا غسل عليه، وإن لم يتذكر
الاحتلام فعلى الأوجه الأربعة أيضاً، فإن تيقن أنه ودي، أو تيقن أنه
مذي، لا يجب الغسل، وإن تيقن أنه مني يحب الغسل، وإن شك أنه
مني أو مذي، قال أبو يوسف: لا يجب قياساً حتى يتيقن بالاحتلام،
وقالا: يجب استحساناً.
ص- قال أبو داود: وكذلك رواه عُقيل، والزبيدي، ويونس، وابن أخي
الزهري، وابن أبي الوزير، عن مالك، عن الزهري، ووافق الزهر في مسافع
الحجبي، قال: عن عروة، عن عائشة، وأما هشام بن عروة فقال: عن
(١) إلى هنا انتهى النقل من النهاية.