قوله: " كان يباشر المرأة " من المباشرة التي بمعنى الملامسة، وأصله: من
لمس بشرة الرجل بشرة المرأة، وقد ترد بمعنى الوطء في الفرج وخارجاً
منه. والمراد هاهنا: المعنى الأول بالإجماع.
قوله: " إلى أنصاف الفخذ " الأنصاف جمع " نصف "،وإنما جمعه
باعتبار وقوع الفخذ معرفاً بلام الجنس.
قوله: " تحتجز به " أي: تمتنع المرأة بالإزار عن الجماع. وهذه الجملة
في محل الرفع على أنها صفة للإزار، ويحوز أن تكون حالاً من المرأة،
ويؤيده ما ورد في بعض الرواية: " محتجزة به " أي: حال كون المرأة
ممتنعة بالإزار، وثلاثيه حجزه يحجزه حجزاً، أي: منعه من باب نصر
ينصُر، ومنه الحاجز وهو الحائل بين الشيئين، وحُجزة الإزار معقده،
وحجزة السراويل التي فيها التكة.
ثم حكم هذا الباب، فاعلم أن مباشرة الحائض أقسام، أحدها: حرام
بالإجماع، ولو اعتقد حله يكفر، وهو أن يباشرها في الفرج عامداً، فإن
فعله غير مستحل يستغفر الله تعالى، ولا يعود إليه، وهل تجب عليه
الكفارة أو لا؟ قد ذكرناه مفصلاً.
الثاني: المباشرة فيما فوق السرة وتحت الركبة بالذكر، أو بالقبلة، أو
المعانقة، أو اللمس، أو غير ذلك، فهذا حلال بالإجماع إلا ما حكي
عن عَبيدة السلماني وغيره من أنه لا يباشر شيئاً منها فهو شاذ منكر، مردود
بالأحاديث الصحيحة المذكورة في " الصحيحين " وغيرهما، في مباشرة
النبي- عليه السلام- فوق الإزار.
والثالث: المباشرة فيما بين السرة والركبة في غير القبل والدبر، فعند
أبي حنيفة حرام، وهو رواية عن أبي يوسف، وهو الوجه الصحيح
للشافعية، وقول مالك، وقول أكثر العلماء منهم: سعيد بن المسيب،
وشريح، وطاوس، وعطاء، وسليمان بن يسار، وقتادة. وعند محمد
ابن الحسن وأبي يوسف في رواية " يجتنب شعار الدم فقط ". وممن ذهب
٣* شرح سنن أبي داوود ٢