قوله: " فتحيضي " بتشديد الياء، أي: اقعدي أيام حيضك عن الصلاة،
والتزمي ما يجب على الحائض. وقال الجوهري: تحيّضت أي: قعدت
أيام حيضتها عن الصلاة. وإنما قال: " ستة أيام أو سبعة أيام " إما على
احتمال أن تكون هذه المرأة قد ثبت لها فيما تقدم أيام ستة أو سبعة، إلا
أنها قد نسيتها فلا تدري أيهما كانتا، فأمرها أن تتحرى وتجتهد أمرها على
ما تيقنته من أحد العددين، ويؤيد هذا الوجه قوله: " في علم الله " أي:
فيما علم الله من أمرك من ستة أو سبعة، وإما أن يكون لا على وجه
التخيير بين الستة والسبعة، لكن على اعتبار حالها بحال مَن هي مثلها من
نساء أهل بيتها، فإن كانت عادة مثلها منهن أن تقعد ستا قعدت ستا، وإن
كان سبعاً فسبعاً.
قوله: " كما تحيّضَ النساء " بتشديد الياء أيضاً، أي: كما تقعد النساء
أيام حيضهن عن الصلاة، ويحوز أن تكون " ما " في " كما " في
الموضعين مصدرية، والمعنى: كتحيّضهن وطهرهن.
قوله: " ميقات حيضهن " نصب على الظرفية، أي: كما تحيّض النساء
ميقات حيضهن، وكما يطهرن ميقات طهرهن، والميقات مِفعال بمعنى
الوقت هاهنا، أصله: موقات، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
واعلم: أن حكم هذا الحديث هو خلاف الحكم الذي في حديث
أم سلمة، وخلاف الحكم الذي في حديث عائشة، وإنما هي امرأة مبتدأة
لم يتقدم لها أيام، ولا هي مميزة لدمها، وقد استمر بها الدم حتى غلبها،
فرد رسول الله أمرها إلى العرف الظاهر، والأمر الغالب من أحوال
النساء، يدل على ذلك قوله- عليه السلام-: " كما تحيّض النساء،
وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن ".
وقال الخطابي: وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الحديث؛ لاس
ابن عقيل راويه ليس بذاك ٠ وقال البيهقي: تفرد به عبد الله بن محمد بن
عقيل، وهو مختلف في الاحتجاج به. وقال ابن منده: حديث حمنة لا