قوله: " فأشفقت " أي: خفت، من الإشفاق، وكذلك الشفَقُ:
الخوف، يقال: أشفقتُ، أُشفق، إشفاقاً، وهي اللغة العالية، وحكى
ابن درَيد: شفِقتُ، أشفَقُ، شَفقاً، من باب علم يعلم.
قوله: " وأنت جنب " جملة اسمية، وقعت حالاً عن الضمير الذي في
" صَلَّيت ".
ويستفادُ من الحديث فوائدُ، الأولى: جواز التيمم للمسافر الذي
يخاف البرد، وإن كان يحد الماء، وأبو حنيفة أجازه للمقيم أيضاً،
لوجود العجز حقيقة، وعند الشافعي: إذا خاف على نفسه التلف من
شدة البرد تيمم وصفَى، وأعاد كل صلاة صلاها كذلك، وقال مالك
وسفيان: يتيمم كالمريض، وقال عطاء بن أبي رباح: يغتسل وإن مات،
وهو مُشكلٌ.
الثانية: عدم إعادة الصلاة التي صلاها بالتيمم في هذه الحالة، وهو
حجة على من يأمر بالإعادة؛ لأنه- عليه السلام- لم يأمره بالإعادة لا
صريحاً ولا دلالة.
الثالثة: جواز الاجتهاد في زمن النبي- عليه السلام- في غيبته، وهو
مذهب بعض الأصوليين.
٣١٩- ص- حدثنا محمد بن مَسلمة وقال: ثنا ابن وهب، عن ابن
لهيعة، وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس،
عن عبد الرحمن بن جُبَيرِ، عن أبي قيس مولىِ عمرو بن العاص، أن عمرو
ابن العاص كان على سرِيَّة، وذكر الحديث نحوه. قال: فَغَسَلَ مَغَابنَهُ
وتَوضأ وُضوءَه للصلاةِ، ثم صًلَّى بهم، فذكر نحوه، ولم يذكر التيمم (١) .
ش- ابن وهب هو: عبد الله بن وهب المصري، وابن لهيعة هو:
عبد الله بن لهيعة- بكسر الهاء-، وعمرو بن الحارث الأنصاري المصري.
(١) انظر الحديث السابق.