للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهم الصبّي ثم أخرج عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال:

كنتُ عند رسول الله فجيء بالحسن فبال عليه، فلما فرغ صبّ عليه الماء.

ثم أخرج عن شريك، عن سماك، عن قابوس، عن أم الفضل أن

النبي- عليه السلام- وضع الحُسين على صدره فبال عليه فقلت: يا

رسول الله، أعطني إزارك أغسله فقال: " إنما يُصبّ على بول الغلام

ويغسل بول الجارية " ٠ قال: وهو في غير هذه الرواية: " إنما ينضح بول

الغلام " فثبت أن المراد فيه بالنضح: الصبّي ليتفق الأثران، فثبت بهذا

الأثر: أن حكم بول الغلام: الغسل؛ إلا أن ذلك الغَسل يجزئ منه

الصبّ، وأن حكم بول الجارية الغسل- أيضاً- إلا أن الصبّ لا يكفي

فيه؛ لأن بول الغلام يكون في موضع واحد لضيق مخرجه، وبول

الجارية يتفرق لسعة مخرجه؛ فأمر في بول الغلام بالنضح، يُريد صَبّ

الماء في موضع واحد، وفي بول الجارية بالغسل لأنه يقع في مواضع

متفرقة. وقال الشيخ محيي الدين (١) : " الخلاف في كيفية تطهير الشيء

الذي بال عليه الصبيّ ولا خلاف في نجاسته، وقد نقل بعض أصحابنا

إجماع العلماء على نجاسة بول الصبيّ، وأنه لم يخالف فيه إلا داود

الظاهري. وأما ما حكاه أبو الحسن بن بطال ثم القاضي عياض عن

الشافعي وغيره أنهم قالوا: " بول الصبيّ طاهر وينضح " فحكاية باطلة

قطعاً، وقال: وقد اختلف العلماء في كيفية طهارة بول الصبي والجارية

على ثلاثة مذاهب، وهي ثلاثة أوجه لأصحابنا؛ الصحيح المشهور

المختار: أنه يكفي النضح في بول الصبي، ولا يكفي في بول الجارية؛

بل لابدّ من غسله كغيره من النجاسات، والثاني: أنه يكفي النضح فيهما،

والثالث: لا يكفي النضح فيهما، وهما شاذان ضعيفان. وممن قال

بالفرق: عليّ بن أبي طالب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري،

وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وابن وهب من أصحاب مالك،

ورُوِيَ عن أبي حنيفة. وممن قال بوجوب غسلهما: أبو حنيفة، ومالك


(١) شرح صحيح مسلم (٣/١٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>