للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: " ثائرَ الرأس " أي: قائم شعره، مُنتفِشُه. وقال ابن الأثير (١) :

" منتشر شعر الرأس قائمه، فحذف المضاف ".

قلت: مادته واويّة من ثار الغبارُ يثورُ ثورا، والثائر سَاعة ما يخرج من

التراب، ويجوز فيه الرفع على أنه صفة لرجل، ويجوز نَصبه على

الحال.

فإن قلت: إذا وقع الحال عن النكرة وجب تقديم الحال على ذي الحال

فكيف يكون هذا حالا؟ قلت: يجوز وقوع صاحبها نكرة من غير تأخيره

إذا اتصف بشيء كما في المبتدإ، نحو قوله تعالى: (يُفرَقُ كُلُّ أمرٍ

حَكِيمٍ * أمراً مَن عندنَا) (٢) أو أضيف نحو: جاء غلام رجل قائما، أو

وقع بعد نفي كقولهَ تعَالى: (مَا أهلكنا مِن قَريَة إلا وَلَهَا كِتَابٌ معلُوم) (٣)

وهنا- أيضاً- اتصف النكرة بقوله: " من أهلً نجد " فافهم.

قوله: " يُسمعُ دَوي/صوته ولا يُفقه ما يقولُ ". روي: " نسمع "

و" نفقه ". بالنون المفتوحة فيهما ٠. وروي بالياء آخر الحروف المضمومة

فيهما على بناء المجهول؛ والأول أشهر وأكثر. و " دَوي " - بفتح الدال

وكسر الواو وتشديد الياء- بُعده في الهواء، وحكى صاحب " المطالع "

فيه ضم الدال- أيضَا-؛ والأول أشهر، ويشتق منه الفعل يقال: دَوّى

النحل تَدوِيةً إذا سمعت لهديره دويا، والمُدَوي: السحابُ ذو الرَّعد

المرتجس، والفقه: الفهمُ؛ قال تعالى: (يَفقَهُوا قَولِي) (٤) أي:

حتى يفهموا.

فوله: " فإذا هو يسأل عن الإسلام " أي: عن أركان الإسلام؛ ولو كان

السؤال عن نفس الإسلام كان الجواب غير هذا؛ لأن الجَواب ينبغي أن

[يكون] مطابقا للسؤال، فلما أجاب النبي- عليه السلام- بقوله:

" خمس صلوات " عرف أن سؤاله عن أركان الإسلام وشرائعه، فأجاب


(١) النهاية (١/٢٢٩) .
(٢) سورة الدخان: (٤، ٥) .
(٣) سورة الحجر: (٤) .
(٤) سورة طه: (٢٨) ، وذكرت في الأصل " حتى يفقهوا قولي " ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>