للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعناها: دنو الخبر على سبيل الأخذ والشروع فيه، فمعنى " جعل الرجل

يجيء ": شرع أو أخذَ.

قوله: " ما أحسن هذا " أي: صنيعكم هذا، وهو فعل التعجب، وهو

ما وضع لإنشاء التعجب؛ والتعجب: انفعال النفس بما خفي سببه؛ ولذا

لا يصح التعجب من الله تعالى (١) ؛ وله صيغتان: ما أفعله، وأفعِل به؛

مثل: ما أحسن زيدا، وأحسِن به، و " ما ": مبتدأ نكرة بمعنى: شيء

حَسَن زيدًا، فإنه وإن كان نكرةً فهو يَصلح للابتداء؛ لأنه في المعنى فاعل

وما بعده في موضع رفع بأنه خبر. وقال الأخفش: " ما " في الأصل

موصولة، والجملة بعده صلة له، والخبر محذوف، فأصله: الذي حَسَّنَ

زيدا شيءٌ. وقال الكوفيون: " ما " استفهامية في الأصل، وما بعده

الخبر، فأصله: أي شِيء حَسَّن زيدَا؟ وفهم من الحديث/أن سقف

المَسجد كان رقيقًا، فلذلك كان يكفُّ عند المطر، وأنه لم يكن فيه حُصرٌ،

وأن السجود على الأرض مستحب.

٤٤١- ص- نا عثمان بن أبي شيبة: نا أبو معاوية ووكيع قالا: نا

الأعمش، عن أبي صالح قال: كان يُقال: إن الرجلَ إذا أخرجَ الحَصى من

المَسجد يُناشدُه (٢) .

ش- أبوَ معاوية: الضرير، وأبو صالح: ذكوان السمان.

قوله: " يناشده " أي: يَسأله بالله ويقسم عليه بالله أن لا يُخرجها؛ من

المسجد وأصله: رفع الصوت؛ ومنه: إنشاد الشعر؛ وهو رفع الصوت

به، ويقال: نشدتك الله، وأنشدك الله وبالله، وناشدتك الله وبالله أي:

سألتك وأقسمت عليك، ونشدتُه نشدةً ونشدانا ومُناشدةً. وقال في

" الصحاح ": نشدتُ الضالة أنشدها أيَ: طلبتَها، وأنشدتها أي: عرفتها.

فإن قلت: ما الحكمة من مناشدة الحصى؟ قلت: لعلها مادامت في

المَسجد تُسجدُ عليها وتبعدُ عن القاذورات، فإذا خرجت منه تَبعدُ عن


(١) بل يصح التعجب منه سبحانه وتعالى، وانظر التعليقة (٥/٦٥) .
(٢) تفرد به أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>