للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " عُرِضت عليّ أجورُ أمتي " يجوزُ أن يكون ذلك العرض ليلة

المعراج، ويجوز أن يكون في وقت آخر؛ وعَرض الأجور كناية عن

إحاطة علمه بها، ويَجوز أن يكون على وَجه الحقيقة بأن عُرضت. في صُوَرِ

حِسَان، وعُرِضَت الذُّنوبُ في صُوَرٍ قباح، كما تُوزن الأَعمال يَوم القيامة

في صوَر حسان وقباح.

قوله: " حتى القذاةُ " بالرَّفع عَطفًا على " الأجور " مثل قولك: جاء

الحُجاجُ حتى المُشاةُ؛ القذاةُ واحدة القَذى؛ وهي ما يقعُ في العَين والماء

والشراب من تُراب أو تبن أو وَسَخ أو غير ذلك؛ وهذا خارج مخرج

المبالغة، لأنه إذا حصل الأجر لمن يُخرج القذاة من المسجد، فالذي يكنُسُه

ويُزيلُ ترابَه وغُباره، ويُنظفه عن الأقذار والأوساخ بالطريق الأولى أن

يحصل له أجُور كثيرة؛ ولهذا بَوب الشيخ بقوله: " بابٌ في كنس

المسجد " ثم. بَيّن فيه إزالة القذى، وبين أن فيها أجرًا، ففي الكنس الذي

هو أعلى من إزالة القذى أولى وأجدر أن يكون فيها أجرٌ بل أجور كثيرة.

قوله: " من سورة من القرآن أو آية " السورة: الطائفة من القرآن المعبّر

عنها بسورة كذا التي أقلها ثلاث آيات، وواوها لا (١) إما أن تكون

أصلا أو منقلبة عن همزة؛ فإن كان الأول فيكون منقولا من سُورة المدينة

- وهي حائطها- لأنها طائفة من القرآن محدودة محوزةٌ على انفرادها

كالبلد المُسوّر، أو لأنها محتوية على فنون من العلم وأجناس من الفوائد

كاحتواء سور المدينة على ما فيها، وإن كان الثاني فلأنها قطعة وطائفة من

القرآن كالسُّؤر التي هي البقية من الشيء والفَضلة. والآية في اللغة:

العلامة؛ والأصل: أوَيَة- بالتحريك- قلبت الواو ألفا لتحركها،

وانفتاح ما قبلها فصار: آية؛ والنسبة إليه: أوَوَي، وجَمعها: آيٌ وأيَايٌ

وآياتٌ. والآية: طائفة من القرآن؛ أقلها ستة أحرف.

قوله: " أوتيها " أي: أعطيها رجل أي: أعطاه اللهَّ إَياها.


(١) كذا، ولعلها بمعنى " لا تخرج ".
٢٤* شرح سنن أبي داوود ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>