للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانحرف القوم في الركن الخامس من أركان الإيمان، وهو الإيمان باليوم الآخر، فتكلموا في أمور المعاد بلا علم، وأولوا بعضها بكلام يشبه كلام الباطنية، وادعوا تصرفهم فيها، فقد زعموا أن أولياءهم يحشرون يوم القيامة أمة لوحدهم، ويتصرفون في الصراط فيمرون عليه, بل وإمرارهم لمن يشاءون من الناس ثم إدخالهم الجنة. في الصراط، ومرورهم عليه بسلام وإمرار غيرهم معهم إلى الجنة. كما ادعوا التصرف في الجنة والنار، وتكلموا في شأنهما بلا علم، وزهد كبارهم في الجنة ولم يبال بالنار، وادعوا معرفة مصير الخلق في الآخرة، وضمان الجنة لمن يشاءون، وإخراج من يشاءون من النار.

وفي عذاب القبر ونعيمه: زعموا أن أولياءهم ومشايخهم يطلعون على أمور البرزخ، ويتصرفون فيه أحياءً وأمواتاً، وخاضوا في الكلام فيما يقع بعد الموت بلا علم ولا دليل، وقالوا بعدم انقطاع عمل الولي بعد موته.

وأما آثار صوفية حضرموت فكثيرة نجملها في الآتي:

الغلو في الأولياء والصالحين: وهذا الأثر أعظم الآثار التي تتميز به الصوفية في كل زمان ومكان، إذ دينهم قائم على تقديس الأشخاص، حيث أعطوا أولياءهم ومشايخهم صفات الرب تعالى، واعتقدوا رعايتهم – أحياء وأمواتاً – للناس، وبالتالي صرفوا لهم أنواعاً من العبادات، ولو لم يكن من آثار صوفية حضرموت إلا هذا الأثر لكفى؛ لكون جل المخالفات والانحرافات سببها الغلو في الذوات والأماكن ونحوها.

وغلت صوفية حضرموت في القبور فصرفت لها كثيراً من العبادات، وسبب ذلك الغلو في الأموات، فقد بنوا قبورهم، واتخذوها مساجد، ووضعوا عليها السرج وزخرفوها وأحاطوها بالتقديس والتعظيم، ونشروا الحكايات في عقوبة من لم يعظمها، وروجوا لزيارة قبور مشايخهم ومعظميهم بوسائل كثيرة، وشدوا الرحال إليها لاعتقادهم بركتها لاسيما قبور كبارهم الذين ادعوا لهم مطلق التصرف في أمور الدنيا والآخرة أحياءً وأمواتاً.

وأما العبادات الشركية والبدعية عند صوفية حضرموت فقد ظهرت عبادات شركية وبدعية كثيرة، مثل: الخلوات الصوفية، والاحتفالات البدعية، والأوراد والصلوات الصوفية بل كثير من تلك الأوراد تحتوي علي الشرك الأكبر.

ومن آثارهم: نشر الفكر الصوفي بوسائل متعددة، منها: التأليف والنشر وهي أكثر الوسائل انتشاراً، كما كان لهم أثر في الرحلات التي يقوم بها مشايخهم إلى مناطق مختلفة لبث عقائدهم وأعمالهم الشركية والبدعية، وكان لانتشار المكتبات والتسجيلات الصوفية ونحوها أثر في بث فكر هذه الطائفة.

ومن آثارهم أيضاً نشر الأربطة والزوايا: التي تعتبر محاضن الصوفية حيث تضم مختلف شرائح المجتمع، فقد بنوا تلك الزوايا والأربطة في مناطق مختلفة من بلاد اليمن بل وخارجها.

ومما تقدم يتضح خطورة الصوفية وعقائدها، ومناقضتها لأصول الإسلام وتأثيرها الهدام على العقيدة والعبادة والأخلاق، وما تركته من انحرافات علمية وعملية في مجتمع حضرموت وفي غيره من البلدان التي هاجر متصوفة حضرموت إليها خير شاهد على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>