٩ - ثم بحثت الجهل بصفة المحل، وبينت فيه أن أكثر الفقهاء، يشترطون ذكر صفة المحل لصحة البيع، وحققت مذهب الحنفية في هذا الموضوع، ولخصت رأي الشرنبلالي من رسالته "نفيس المتجر بشراء الدرر"، ثم بحثت بعض البيوع الممنوعة للجهل بصفة المحل، فتكلمت عن بيع اللحم، وبيع المضامين، والملاقيح، والمجر، وعسب الفحل، وحررت معاني هذه الكلمات وحققت الأحاديث الواردة فيها، ثم تكلمت عن بيع ما يكمن في الأرض؛ وأيدت رأي من يجوزونه، كما تكلمت عن بيع ما يختفي في قشره، وبينت الآراء المختلفة في حكمه، وخرجت منها بقاعدة هي: أن ما يضره الكسر، وما تمكن معرفته من غير إزالة قشرة يجوز بيعه وهو في قشره، وما لا يضره الكسر، ولا تمكن معرفته وهو في قشره لا يجوز بيعه؛ لأن في ذلك غرراً من غير حاجة.
١٠ - تكلمت بعد ذلك عن الجهل بمقدار المحل، وبينت أن العلم بمقدار المحل شرط لصحة البيع عند جميع الفقهاء سوى الشرنبلالي من علماء الحنفية، كما بينت رأي القانون، ثم بحثت بعض البيوع التي فيها غرر من جهة الجهل بمقدار المبيع فتكلمت عن المزابنة، وبينت معناها من الأحاديث، ووضحت أن الفقهاء توسعوا في تفسيرها بأكثر مما تدل عليه الأحاديث، وأتبعت ذلك بالكلام عن العرايا مبينا معناها وحكمها من الأحاديث، ومن أقوال الفقهاء، وانتهيت إلى أن العرية هي النخلة الموهوب ثمرها، وإلى أن بيع العرية المرخص فيه هو: أن يبيع صاحب العرية ثمرها وهو على نخلته بخرصه تمراً أو رطباً على ألا يزيد على خمسة أوسق، يبيعه لمن يشاء، لمن يأكله رطباً ولغيره، ثم تكلمت عن المحاقلة، والجزاف، وبيع ضربة الغائض، وبيع الصوف على ظهر البهيمة، وبيع اللبن في الضرع، ووضحت مذهب المالكية في جواز بيع اللبن في الضرع، ورجحته على رأى الجمهور.
ثم تكلمت عن جهالة مقدار الثمن، فبحثت البيع بغير ذكر ثمن، والبيع بسعر السوق، والبيع بحكم أحد المتعاقدين أو بحكم أجنبي، وبيع التولية، والمرابحة، والوضيعة، والبيع بربح نسبة في المائة، والبيع بسعر الوحدة، وبينت آراء الفقهاء في كل ذلك، وقارنته بالقانون الوضعي.
١١ - ثم تكلمت عن الجهل بالأجل، وبحثت فيه بيع حبل الحبلة، وبينت أنه من البيوع الممنوعة لما فيها من الغرر الناشئ عن جهالة الأجل، ثم وضحت آراء الفقهاء في أثر جهالة الأجل على صحة البيع، وانتهيت إلى أن الفقهاء متفقون على أن الجهالة التي ترجع إلى وجود الأجل، وهي ما يسميها الحنفية بالجهالة الفاحشة مفسدة للبيع، أما الجهالة التي ترجع إلى وقت حصول الأجل وهي ما يسميها الحنفية بالجهالة اليسيرة، فأكثرهم على أنها مفسدة للبيع أيضا، وقال المالكية: لا تفسده، ورجحت رأي المالكية في هذا، كما رجحت رأي الظاهرية في جواز التأجيل إلى الميسرة. ثم بينت أن القانون لا يشترط العلم بالأجل لصحة البيع؛ وتكلمت عن التأجيل إلى الميسرة في القانون، وقارنته بمذهب الظاهرية.